ثم قالت ظريفة لحارثة ولولده: خذوا الجمل الأزور فضرجوه بالدم الأحمر وأرسلوه يمشي على قدر حتى ينزل بكم البلد الأغر بلد النبي الأزهر صلى الله عليه وآله وسلم. فنزلوا هؤلاء القبائل الذين نزلوا السراة الذي يقال له الحجاز - لأنه حجز بين نجد وتهامة - وهو السراة - وإنما سمي السراة لاستوائه كاستواء سراة الفرس - وأقام بالسراة من غسان من ولد عمرو بن عامر وولد عمران بن عامر. ثم سار ثعلبة بن عمرو في أصحابه ووجوه قومه، حتى إذا كان ببعض الطريق قالت لهم ظريفة: وحق ما نزل من علمي بالبيان وما نطق به اللسان ما أعلم مني إلا الرب الأعظم رب جميع الأمم إني لا أرى علماً يكتم، قالوا: ما ذاك يا ظريفة؟ قالت: خذوا البعير الشدقم فانحروه وخصبوه بالدم حتى تأتوا أرض جرهم ولا تبغ بالغلبة فتندم وكف يسلموا وتسلم جوار بيت الله الحرام بيت بناه النبي الأكرم خليل الولي المنعم بيت النبي الأعظم يقتل من كفر وأجرم. قال: فأخذوا الجمل فنحروه ثم مضوا حتى انتهوا إلى مكة فأصابوا بها جرهم وبني إسماعيل. فقال ثعلبة لجرهم: يا معشر جرهم أنتم أهل العز ولكم البأس والمجد ولكم على الناس حق بولايتكم هذا البيت ولسنا
نحب أن يكون بينا وبينكم حرب فانا ما نصب لنا أحد من الناس حرباً إلا نصرنا عليه فخلوا لنا السهل والوطاء حتى تشحم وتلحم أنعامنا ونمضي عنكم ولا يكون بيننا وبينكم حرب فإنكم لا تدرون لمن تكون الغلبة ألكم أن عليكم. فغضبت جرهم وقالت: ما كنا نرى أن يطمع فينا أحد بهذا أو يرجوه. ثم تهيئوا للقتال هم وبنو إسماعيل وكانت جرهم وبنو إسماعيل قليلاً - فهزموهم حتى أدخلوهم مكة واستغاثوا بالحرم. وأقام ثعلبة بمكة في بطحائها. فذاق شدة العيش هو وأصحابه، ثم شخصوا عنها وبقي بمكة من