وسارت منهم قبائل إلى عمان - فأول من خرج بهم مالك بن فهم - وكان سبب خروجه إنه كان له جارة
وكان لجارته كلبة وكان له أخ له أولاد كثيرة، فرمى ابن أخيه كلبة جارته فقتلها، وكان بنو أخيه أكثر من بنيه، فلم يستطع أن يفعل في بني أخيه شيئاً فغضب وقال: والله لا أقيم ببلد يفعل هذا فيه بضيفي، فسار حتى نزل عمان فسمي الموضع الذي رحل إليه نجد الكلبة إلى اليوم. فلما ورد مالك بن فهم عمان تزوج بها امرأة من بني عبد القيس فولدت له غلماناً كثيرة وكان أصغرهم سليمة وأنه أناخ إبله ذات ليلة وخشي عليها الطرد فعقلها ومعه سليمة فباتا فيها. فلما كان في الليل قام يفتقد عقلها فرآه سليمة وهو يكب عليها ويرفع رأسه فظن إنه لص فنزع له سهماً فرماه فقطع نساه فقتله ثم لحق بعمان ثم أن الأزد ضاقت بهم أرض السراة فخرج من كل قبيلة منهم ناس، فخرج بنو رابعة بن عمران وبنو حارثة بن عمرو وبنو غالب بن دهران، فخرجوا ونزلوا بالشعب من أرض عمان فقال في ذلك شاعر من غسان:
كونوا كعمران إذ سبه محلته ... فقال حبس وضيف بات في رصد
شد المطي على الانساع فانشمرت ... تطوى الصحاصح حتى منتهى الرصد
وان ثعلبة العنقاء سار حتى قدم الشام - وكان أكثر من مضى إلى الشام بنو جفنة بن عمرو بن عامر - فلما نزلوا بالشام عورض ثعلبة العنقاء وكان جميلاً فقتلته الجن فاستحلف ابنه حارثة وهو ابن الأوس والخزرج وأمره أن يشاور في أمره جذع بن سنان ولا يعصيه. فكان جذع ذا رأي مبين على ما كان من عوره وصممه - وكان شجاعاً لا يملأ قلبه شيء - ومات ثعلبة