للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال جذع: عاهدوهم حتى تعفى أموالكم وتستريح دوابكم وأنفسكم، فانه يحدث بعد الأمر أمر - وهم عجم والعجم لا تقيم على عهد إلا على الذل والخوف - ولا يصبرون على خطة وإنكم تجدون فيهم ما تريدون، فنزلوا وكتبوا العهد وأقاموا زماناً. وإن رجلاً من غسان اشترى من يهودي كرباسة بأربعة دراهم فاشترط عليه الغساني أن يريها لأهله، فإن لم يرضوها ردها عليه ورد اليهودي عليه دراهمه وأشهد رجالاً من غسان كانوا بحضرته. وإن الغساني لم يرضوا أهله الكرباسة فردها على اليهودي فأبى أن يقبلها منه اليهودي، ورجع الغساني راجعاً بها إلى أهله فسبوه وقالوا له: فزعت من اليهودي. فردها إلى اليهودي ثانية فسبه فانتهره. فترافعا إلى شريف بن كعب، وأتى الغساني بالشهود الغسانيين فشهدوا إنه قد اشترط عليه ردها إن لم يرضوها أهله، فقال لهم شريف: انتم معاشر غسان لكم آنفة وأنفتكم تحملكم على شهادات الزور، قال له شهاب بن عبد الله الغساني: كذبت بل لنا أحساب تمنعنا من شهادات الزور بلى قد كان بينهما ما كان ولكم أنتم يا شريف بكل ارض أذلاء إلا بأرض العرب، فكيف لا تسرع بلسانك في سبهم ولو البسوك الذلة وكسوك المسكنة لعرفت لهم حقهم، ثم سار بقومه فولي بهم وإن صاحب الكرباسة أتى إلى جذع بن سنان فشكا إليه ما نزل به من اليهودي ومن أهله. فمشى جذع إليه وكلمة وقال له: خذ من الرجل كرباستك ورد عليه دراهمه، فقال له اليهودي: يا أعود أمرتني عينك الواحدة فأمهل حتى تأمرني عينك الأخرى. فولى جذع وأخذ بيده صاحبه وخلا به وقال له: ويحك إن قومي قد تشاء موابي واني لا أحمل فيهم ضيماً وانصب روحي غرضاً دونهم واني أجني عليهم الجنايات وأسوق إليهم الحروب، وسأبلغ مرضاتك

<<  <   >  >>