فقال: عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس، فقال: ما اصنع به من جبال أرضي كلها إلا ذهب وفضة يرغبه فيها. فقال: فجمع سرى مرازبته وقال: ما ترون في أمر هذا الرجل وما حاله؟ فقال له رجل منهم: أيها الملك أن في سجونك رجالاً حبستهم للقتل، فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكها كان في ذلك الذي أردت، وإن ظفروا كان ملكاً زاده الملك إلى مله فبعث كسرى بمن كان في سجونه معه - وكانوا ثمانمائة رجل - واستعمل عليهم وهرز وكان ذا سن فيهم وفضل وحسب، وخرجوا في ثمان سفن فغرقت سفينتان ونجا منها ست غلى ساحل عدن. وجمع سيف من استطاع من ثومه وقال لو هرز: رجلي ورجلك حتى نموت جميعاً أو ننصر. فقال وهرز: أنصف الرجل. فخرج إليهم يكسوم بن ابرهة بجنوده، فأرسل إليهم وهرز ابناً له فقاتلهم، فقتل ابن وهرز، فزاده ذلك حنقاً عليهم. فلما أخذ الناس على مصافهم قال وهرز: أروني ملككم؟ فقالوا له: هو ذلك الذي على الفيل عاقداً تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة، قال: قد رأيته اتركوه.
ووقف طويلاً وقال: أين هو؟ قالوا له: قد ركب البغلة. قال وهرز: بنت الحمار ذل وذل ملكه سأرميه، فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا إلى أن أوذنكم فاني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم وقد اجتمعوا فقد أصيب فاحملوا عليهم. ثم أوتر قوسه وكان لا يوترها غيره لشدتها، ثم رمى بقصد الياقوتة التي بين عينيه فنفذت النشابة من الياقوتة وخرجت من قفاه واستدارت الحبشة عليه وحملت عليهم الفرس وقبائل اليمن فانهزموا وقتلوا وهربوا في كل وجهة. فقال سيف بن ذي يزن في ذلك: