عقوبة من الله لهم جارية يقال لها مهد فإنها لما رأتها صاحت، ثم صرخت، ثم غشي عليها فاجتمع إليها قومها. فلما استفاقت قامت تنوح وهي تقول:
البلية البلية ... ما جنى الوفد عليه
إن وفد الريح كانوا ... شر وفد في البرية
أرسلوا يبغون غيثاً ... فآتوهم بالبلبه
سخرت ريح عليهم ... تركت عادا خليه
سخرت سبعاً عليهم ... لم تدع منهم بقيه
ويقال: يا معاوية. أنها أول نائحة ناحت في الأرض، فقال لها قومها: ويحك ماذا ترين وماذا دهاك؟ قالت: الويل لعاد التي طغت في البلاد فأكثروا فيها الفساد. أي رياحاً كأمثال الجبال لها لجم بأيدي رجال كأن في وجوههم شهب النار، والرجال الذين ذكرت ملائكة الله عز وجل مع الريح. قال معاوية: هل قيل فيه شعر؟ قال عبيد: نعم يا معاوية. قد قال أمية بن أبي الصلت أو النابغة الذبياني في ذلك شعراً حيث يقول:
رأت ما رأت مهد فقيل لها ... ماذا ترين فقالت انظر العجبا
أرى رياحاً كأمثال الجبال لها ... لجم بأيدي رجال تشبه اللهبا
قال معاوية: خذ في حديثك. قال: فلما تبين لهم إنها ريح عقوبة من الله عليهم، قاموا إلى صعيد واحد ووضعوا العيال والذراري. قال: ثم بنوا عليهم بالأبنية والمتاع كالردم العظيم فوقهم ليقيهم بزعمهم من الريح فاجتمع جميع أولي القوة والجلد والبأس وصفوا بينهم وبين الريح على فم