فانطلقوا حتى دفنوهما، والمثنى صهر لقمان بن عاد. وبلغني إن موت لقمان كان في زمان ملك فارس.
قال معاوية: لله أنت يا عبيد! أخبرني كم كان عمره؟ قال: بلغني أن عمره كان ألف سنة وسبعمائة سنة وأربعاً وستين سنة. قال معاوية: فعمر النسور من ذلك كم؟ قال عبيد: إني سمعت ابن عمك يقول: كان عمر كل نسر مائة سنة وزيد لبد عليها نيفاً. وذكر غيره أن أعمارها كانت مختلفة، والله بالصواب أعلم. كان عمر النسور التي متع بها ألف سنة وأربعمائة ونيفاً، وكان عمر لقمان قبل النسور ثلاثمائة ونيفاً وستين سنة. قال معاوية: لا يفضض الله فاك يا عبيد، لقد حدثت بالعجائب! أخبرني هل قيل فيه شعر؟ قال: نعم يا معاوية، كان لقمان ونسوره مثلاً في العرب، فقال لبيد بن ربيعة الكلابي شعراً يقول فيه:
لما رأى لبد النسور تطايرت ... رفع القوادم كالعقير الأعزل
من تحته لقمان يرجو نهضه ... ولقد رأى لقمان إنه لا يأتلي
ولقد جرى لبد فأدرك شأوه ... ريب المنون وكان غير مغفل
غلب الليالي خلف آل محرق ... وكما فعلن بتبع وبهرقل
وغلبن أبرهة الذي الفنيه ... قد كان يخلد فوق غرفة موكل
والحارث الحراب كانت دراه ... داراً أقام بها ولم يتحمل
تجري مواهبه على من نابه ... جري الفرات على قرار الجدول
وفيه يقول النابغة الذبياني حيث يقول:
أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا ... أخنى عليها الذي أخنى على لبلد