أم غنم وأختها الصدوف فمالتا عليهم بما شاءوا من الخمر واللحم وعمدت إلى ابنتها الرباب فزينتها وحلتها وألبستها قرفيرا وإزاراً وخماراً، وأبرزتها إليهم وأمرتها أن تبدي محاسنها. فلما رآها الفاسق قدار ذهب عقله وتاه حمله، وتبرجت الصدوف لمصدع، فهذبت بعقله - وكان ذلك يوم الأربعاء يوم ورد الناقة - وكانت الفاسقتان اعتمدتا ذلك ولم يدخرا شيئاً من الماء ليوم ورد الناقة اعتماداً منهما على ذلك. فبينا هم في أربهم ذلك إذ قل عليهم الماء لمزج الخمر، فطلبوا ماء، فلم يجدوا شيئاً، فقالتا لهم الفاسقتان: إذ لم يجدوا ماء لمزج الخمر أن عندنا خمراً كثيراً فلابد له من فراج فاطلبوا لنا الماء، فذهبت التسعة الرهاط بأسيافهم يطلبون الماء فوجدوا الناقة قد شربته جميعاً، فلم يقدروا منه على شيء، فرجعوا إلى مجلسهم، وقد جسرهم على عقر الناقة فأكد بعضهم على بعض في عقرها، وطلب قدار ومصدع من المرأتين أنفسهما، فقالتا: ما إلى ذلك سبيل حتى تريحانا من هذه الناقة التي قد أهلكت مواشينا وقطعتنا من الماء. وشاع خبر قدار وأصحابه في قومهم وما هموا به من عقر الناقة، فشق ذلك على عظماء ثمود ومشايخها ورأوا ذلك هولاً عظيماً، وعلموا أنهم لا طاقة لهم برهط قدار وأصحابه لعزهم ومنعتهم في قومهم. وبلغ ذلك صالحاً صلى الله عليه فأتى الرهط، فقال لهم {هذه ناقة الله
لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم}، فلم يزدهم ذلك الكلام - كلام صالح إلا عتواً ونفوراً وجرأة على عقرها - وهموا بصالح، فخرج هارباً إلى قومه. ثم أن عدو الله قدار وأصحابه جدوا في عقر الناقة فصقلوا أسيافهم وأخذ قدار معولاً فسنه، ثم تقلدوا أسلحتهم، فأخذ قدار معوله