فإن يك صالح أمسى مقيماً ... ببلدتكم فلن يعدو نفيلا
وإن يك صالح في آل غنم ... فلم تجدوا إلى غنم سبيلا
بنو غنم سراة ثمود طرا ... وإن كانت بنو غنم قليلا
وظني أن يمنعه رجال ... بضرب يترك الأعناق ميلا
أبو هدب وأخوان لهدب ... إذا فزعوا رأيت لهم خيولا
مجردة لدى الهيجاء بلقا ... تجاوب بعضها بعضاً صهيلا
أخافوا صالحاً لما دعاهم ... فظلوا حول حجرته حلولا
وأشياع هنالك من شباب ... وأشياخ تخليهم فلولا
وقالوا لن تخاف وأنت فينا ... كفاك برغمنا فينا كفيلا
فلا تخش التجبر يا آل قومي ... كفى لكم بذلكم دليلا
فلما سمعوا قوله هذا وعلموا مكان صالح حيث هو كفوا عن المسلمين وانطلقوا بأجمعهم حتى أتوا أبا هدب وقومه فكلموه في صالح. فقال لهم أبو هدب: هو عندي وقد أجرته وآويته فلا سبيل لكم إليه. فقالوا: أتتبع دينه وتترك ديننا؟ قال: لا، ولكن قد أجرته ولن تخفروني في جواري، فتركوه وانصرفوا عنه، وشغلهم ما نزل بهم من العذاب وجعل بعضهم يخبر بعضاً بما يرون في وجوههم من التغير، ثم أصبحوا ووجوههم يوم الخميس مصفرة، ثم أصبحوا يوم الجمعة ووجوههم محمرة، ثم أصبحوا يوم السبت ووجوههم مسودة. فلما كان ليلة الأحد، خرج صالح من بين أظهرهم ومن معه من المسلمين إلى الشام فنزل إلى رملة فلسطين، وتخلف رجل من أصحاب صالح، صلوات الله عليه يقال له