قطن بن زهير بن عريب بن أيمن بن الهميسع بن حمير - وكانت حمير أكثر عدداً وعدة، فنفوا جرهماً وبني قيطون من البلاد. فلما رأت ذلك جرهم ومن كان معها وما دخل عليهم وأنه لا طاقة لهم بحمير ساروا عن البلد وملكت بنو جرهم عليهم مضاض بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن هي بن نبت بن جرهم بن قحطان. وملكوا بنو قبطون عليهم السيمدع بن هوثر بن مازم بن لاوي بن قبطون بن كركر بن حيدان. فساروا حتى حلوا أرض الحرم وأهلها يومئذ العماليق، وهم نزول حوله - وكان موضع الحرم كثير الشجر ممتنعاً أن ينزل فيه لكثرة شجره. فأمروا بالشجر فقطع، ونزلت جرهم أعلى مكة، ونزلت بنو قبطون أسفلها في موضع قعقيعان واجياد. قال معاوية: وهل كانوا يعلمون إنه الحرم؟ قال عبيد: نعم يا أمير المؤمنين قال: يا عبيد فكيف قطعوا شجره؟ قال عبيد: لم يروا بذلك بأساً لما أرادوا من سكناه وعمارته، وقد قال في ذلك مضاض هذا الشعر الذي يقول فيه:
هذا سبيل كسبيل يعرب ... البادي بالقول المبين المعرب
وعاد عوص ذو القوام الأعجب ... وعمي الخير ثموداً لا سكب
إني إليهم صاح في التقرب ... وهم إلى الدهر في التنسب
مضوا على مهل لأمر معجب ... جرهم جدي وابن عمرو الأهدب
أجلب المأمون ذو التنقب ... يعرب ذو مجد وعز أغلب
بمكر مات وسنا مرتب ... يا قوم سيروا غير فعل الأجنب