ومهرج هو الذي أمرهم أن لا يؤمنوا لهود، وأنها لما سمعت عاد ميسعان ثاروا عليه في جوف الليل فقص عليهم ما كان من شأنهم فصاروا إليه يداً واحدة وقالوا له: يا ميسعان لقد دلنا شعرك على هوجك ولقد أعميت على وفدنا بالهوى. ولميسعان منعة بأخوته وولده وقومه فكرهوا أن يسرعوا إليه بسوء حتى يعذروا إلى قومه، فلما أعذروا إليهم قال له قومه: يا ميسعان ما حملك على خلاف جماعة قوم عاد؟ قال لهم ميسعان: لقد أوضحت لهم المنهاج أنرت لهم السراج لئلا يجهلوا الحق لاشتباه الفتنة وتخليط العمى أني رأيت آية باهرة للعقول أقام الله علينا بها حجة ثم صدرنا إلى قومنا منذرين لهم فرجعوا عنه إلى جماعة يعتذرون عنه فكفت عنه عاد فقال لهم هجال بن رفيدة: يا معشر عاد عليكم بهود فلاينوه حتى يسكن جأشكم فإن مصيبتكم بما حل في وفدكم عظيمة. قال لهم ميسعان: يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ثم سيروا إليه في الهنيبق نستبدل ما هو خير بما هو أدنى. قالوا له: لا حاجة لنا بقولك يا ميسعان فأنشأ ميسعان يقول شعراً:
إلى جزع الهنيبق عاد سيري ... توفي الأمن والرأي المبينا
وتبدو لي الحرون وحقف رمل ... وتترك بارقاً أبداً حزينا
وترتحلي إلى بلد كريم ... وتتخذي المصانع والعيونا
من الماء المعين وكل غرس ... بها ترضونه عنباً وتينا
وتتخذون فاكهة وزرعا ... وماء في جعافره معينا
ترون برأيكم فيها بحزم ... إذا ما كان رأيكم مبينا
وإن عاداً عملت مهداً فاسداً للماء غرسوا تحته الجنات فكانت عجيبة بها