النعمان دعا همدان فقال له: هذا الملك لك ولأصحابك فما رأيك في ذي رياش؟ قال له همدان: حبس بحبس لا عدوان فقبل منه وأحسن إليه وإلى أصحابه وأنشأ يقول:
إذا أنت عافرت الأمور بقدرة ... بلغت معالي الأقدمين الأقاول
فأما حمام النفس تلقاه عاجلاً ... وأما تراث الملك عن ملك وائل
فهل يدفع النعمان أمراً يريده ... وهل يتقي شر الذي غير نازل
إذا لم يكن بد من الموت حتمة ... فما تغن عني خافقات الجحافل
إذا لم يكن للمرء بد من التي ... تبذ الأماني عاجلاً أو بآجل
ويصبح في الأهلين يوماً جنازة ... ويلحق حتماً بالقرون الأوائل
علام يداري الدهر والدهر جائر ... ويرضى بظلم من يد المتطاول
ولكن نباني الملك في درج العلا ... كنجم اعوجاج من فنا الملك وائل
يفوز سعيداً أو يلاقي منية ... ويمسي على الدنيا بعيد المناهل
فما المرء للأيام تخلق نفسه ... وهل كانت إلا حيضة للقوابل
ألا أيها الراضي بأيسر خطة ... صبرت على خسف من الذل نازل
قيامك في الدنيا حياة لأهلها ... وصبرك عنها * غير طائل
إذا لم يكن للمرء عزم يزينه ... ولب يرى عيب القوي المخاتل
له سطوة تكسو العزيز مذلة ... وتهدي حتوفاً للنساء الحوامل
له علل تعلو النجوم وسطوة ... تصم فيخشى طرقها كل جاهل
وللموت خير من لباسك ذلة ... تجاذب مأسوراً صليل السلاسل
محلاً يراه الزائرون شماتة ... هواناً لمقدام العشيرة باسل