للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

وقرأ الباقون بالإدغام.

وزعم قوم: أن المحذوف في النحو: (تأمروني) هو الثاني - وليس كذلك، بل المحذوف هو الأول - نص على ذلك سيبويه.

ويدل على صحة قوله: أن نون الوقاية لا يجوز حذفها مفردة مع فعل، غير (ليس) فإن الأول قد حذف دون ملاقات (هكذا) مثل مع الجازم والناصب. فحذفها عند ملاقات مثل أولى.

وأيضاً: لو حذف نون الوقاية وأبقى نون الرفع لتعرض بذلك إلى حذف نون الرفع عند دخول الجازم والناصب. وإذا حذف نون الرفع لم يعرض النون الوقاية ما يقتضي حذفها، وحذف ما لا يحوج إلى حذف أولى من حذف ما يحوج إلى حذف.

(ودون نِي) - أي ودون اتصال نون الوقاية بنون الرفع، قد حكى حذفها.

ومثال ذلك في النثر: ما ورد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.

الأصل: (لا تدخلون الجنة - ولا تؤمنون) لأن (لا) النافية، و (لا) النافية لا تعمل في الفعل شيئاً.

ومثال ذلك في النظم قول الراجز:

أبيت أسرى وتبيتى تدلكي ... وجهك بالعنبر والمسك الذكي.

والأصل: (تدلكين - وتبيتين) فحذف النونين دون جازم ولا ناصب.

ومن ذلك قول أبي طالب:

فإنْ يَكُ قَوْمُ سَرهم ما صَنَعْتُمُو ... سَتَحْتَلِبُوهَا لاَقِحاً غَيرَ بَاهِل.

أراد (فستحتلبونها) فحذف (الفاء، والنون) للضرورة.

ولا يجوزاعتقاد حذف (النون) للجزم، على ما يستحقه المضارع المجرد من حرف التنفيس إذا وقع جواباً، لأن شرط جزم الجواب: أن يصلح لمباشرة حرف الشرط، فإن لم يصلح لها وجب اقترانه بالفاء ولا يحذف إلا في ضرورة. ولاشك في أن المقترن بالسين لا يباشره حرف الشرط.

<<  <