للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفي (الفتاوى العتابية) (١): قاضٍ استفتى في حَادثة، فأفتى ورَأيه (٢) بخلاف رَأي المفتي، فإنه يعمل بِرَأي نفَسه - إن كَانَ مِن أهِل الرَأي - فإن ترك رَأيه وَقضَى بِرأي المفتي لم يجز عَندهما، كَمَا في التحري، وَعَندَ أبي حَنِيفة ينفذ لمصَادفته فصلاً مُجتهداً فيه.

وَأمَّا اجتهاد الصحَابي في زمَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِفيهِ خلافٌ بَينَ العُلماء، قَالَ في (المحيط): يَجبُ أن يعلم أن العُلماء اختلفوا في هَذا عَلى ثلاثة أقوال: مِنهِم مَن قَالَ كَانَ لَهُ أن يجتهدَ، وَمِنهِم مَن كَانَ يبعد عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ تَعَالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ الاجتهاد مُطلقاً (٣).

وَاختلَفوا أيضاً أنه عَلَيه الصَّلاة وَالسَّلام: هل كَانَ يَجتهدُ فيمَا لم يوحَ (٤) إليه؟ فيفصل الحكم باجتِهادِهِ بَعضهم، قالوا: [٢٣/ب] مَا كَانَ يجتهد بَل كَانَ ينتظر الوَحي، وَمنهم مَن قال: يرجع فيه إلَى شريعَة مَا قبله، وَمِنهم مَن قَالَ: كَانَ لاَ يَعمل بالاجتهاد إلى أن ينقطعَ طمعَهُ عَن الوَحي، فإذا انقطَعَ حينئذ كَانَ يجتَهد، فإذا اجتهدَ صَارَ ذلَكَ شريعة لَهُ، وَإذا نَزَلَ الوَحي بِخلافِهِ يصَيِرُ ناسِخاً، وَنسَخ السنة بالكتاب جَائز عندَنا، وَكَانَ لاَ ينقض (٥) مَا قضى بالاجتهاد، وَكَانَ يَستأنف القضاء في المُستقبل، انتهى كلام (المحيط) (٦).


(١) هي جامع جوامع الفقه المعروفة بـ (الفتاوى العتابية) لأبي نصر أحمد بن محمد العتابي البخاري الحنفي وفاته سنة ٥٨٦هـ. كشف الظنون: ١/ ٥٦٧ ..
(٢) في (د): (برأيه).
(٣) ينظر تفاصيل هذه المسألة عند الآمدي، الإحكام: ٤/ ٢١٢ ابن أمير حاج الحنفي، التقرير والتحبير: ٣/ ٣٩٨.
(٤) في (د): (فيما يوحى).
(٥) في (د): (ينقص).
(٦) في (د): (ينقص).

<<  <   >  >>