للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الزخرف: ٢٣] أي: على أنوارِهِم مُهتَدونَ (١) و: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [المؤمنون: ٥٣] وَمُعتَمدُونَ (٢).

فَتركَ صُحبتنا وحَضرتنا، وَاختارَ غيبتنا وَعتبنا (٣)، وكانَ الوَاجبُ عليِهِ مِنْ الأدَبِ لدَيِهِ (٤) أنْ يُغْمضَ عينه مِنْ بَعضِ عيُوبنا، لَو تحقق شَيْءٌ مِنْ ذنُوبنِا رعايَة لِحفظِ قلوُبنا، إذْ غايَته أنَّه إذَا (٥) وقع خطأ مِنا والمجتهد قَدْ يخطئ في مَذهَبنِا، أو انفَردنا بهذا القَوْلِ عَنْ غيرنا أو تبعنا أحداً مِنْ مَشائخِنَا [٢/أ] فتَعيَن عَلَيْهِ أنْ يَأتِينا بنقلٍ لدَيه، أو روَايةٍ وَصَلتْ إليَهِ، أو يبحَث معَنَا، ليظهرَ مَا عِنْدَنا فيَقبلهُ مِنا أو يَردهُ عَلينَا، فنَقبلهُ [منه] (٦) أو نَدفعهُ عَنا، كما هُو طِريقة العُلَماء وَالطلَبة مِنْ الفُضَلاءِ.

هَذا الإمَام الأعظم وأصحَابه في مَقَامِهِ الأفخمِ، كانوا يتَباحثونَ في المسَائل، ويتَناقشونَ في الدلائلِ، ويتَنافسونَ في الفضائلِ، فإمّا أنْ يَرِجْعَ الإمَامُ في أقِوالهِم، أو يَرجعونَ (٧) إلى قولِهِ بتحسِين أحَوالهم، وكذَا كَانَ حَالُ السَّلفِ مِنْ الصَحابةِ والتَابعينَ في مجَالسِهم الجامِعينَ، يتَذاكرونَ في العِلمِ ويتبَاحثونَ بالحِلمِ هنالكَ،


(١) قال مجاهد في تفسير: {وإنا على آثارهم مقتدون} قال: بفعلهم، وقال قتادة: فاتبعوهم على ذلك. تفسير الطبري: ٢٥/ ٦١.
(٢) قال ابن كثير: ((أي يفرحون بما هم فيه من الضلال؛ لأنهم يحسبون أنهم مهتدون)). التفسير: ٣/ ٢٤٨.
(٣) (وعتبنا) سقطت من (د).
(٤) (لديه) سقطت من (د).
(٥) في (د): (قد).
(٦) زيادة من (د).
(٧) في (د): (يرجعوا).

<<  <   >  >>