للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعريف الإسلام]

والإسلام معناه: التوحيد الخالص.

أي: أن توحد الله جل في علاه ولا تشرك به شيئاً، كما قال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ} [البقرة:١٣١] أي: استسلمت {لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:١٣١].

وقال تعالى حاكياً عن يوسف: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:١٠١].

وعن نوح عليه السلام: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٧٢].

وقال إسماعيل وإبراهيم: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً} [البقرة:١٢٨].

وقال سحرة فرعون: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف:١٢٦].

وقال جل وعلا: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} [المائدة:٤٤].

وقال جل في علاه عن بلقيس عندما أسلمت مع سليمان: {رب إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل:٤٤].

وقال عن أتباع المسيح عليه السلام: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} [المائدة:١١١].

وقال جل في علاه: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:١٨ - ١٩].

فما من نبي إلا وهو على الإسلام، ولكن اختلفت الشرائع، فكل الأديان دين واحد، وليست أدياناً متعددة، بل كلها دين سماوي واحد وهو الإسلام، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:١٩] فموسى ويوسف وعيسى ونوح وإبراهيم وشعيب وصالح وآدم كانوا على الإسلام.

فالإسلام معناه: توحيد الله جل في علاه، والاختلاف بين الأديان كان في الشرائع، قال الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:٤٨] وصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الأنبياء إخوة لعلات) أي: إخوة من أب واحد، والأمهات شتى، مثال ذلك: الرجل الذي تزوج بأربع نساء فخلف من كل واحدة منهن أولاداً، فالأولاد يسمون إخوة لعلات، لأن أمهاتهم شتى، وأباهم واحد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وشرائعهم شتى).

وهذا ظاهر جلي لمن تفحص في شرائع الذين سبقونا، فمثلاً: في شريعة التوراة أو الشريعة اليهودية إذا وقعت النجاسة على ثوب واحد منهم فتطهيرها بأن يقص ذلك الجزء من الثوب الذي وقعت فيه النجاسة.

أما في ديننا وشريعتنا: إذا وقعت النجاسة فإنه يطهرها بالماء.

وأيضاً: في شريعتنا أن الزاني المحصن حده الرجم حتى الموت، لكن في التوراة المحرفة حده الجلد والتحميم.

وكذلك في شريعتنا: حل الغنائم للمجاهدين الذين يذبون عن الإسلام، وعن أهل الإسلام، فعندما يغنمون الغنائم فإنهم يأكلونها هنيئاً مريئاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي) وكان في شريعتهم أن الغنيمة تؤخذ كلها فتوضع قرباناً فتنزل نار من السماء فتأخذها، ولذلك فإن بعضهم سرق شيئاً من الذهب فلم تقبل، فقال نبيهم: فيكم الغلول، فصافح مقدم كل قبيلة حتى لصقت يد واحد منهم فأخرجه من قومه، فجاءت نار من السماء فأكلتها.

فالغنيمة في الشرائع التي سبقت لم تكن حلالاً، وفي شريعتنا حلت، فهذا مصداق لقول الله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:٤٨].

إذاً: دين الأنبياء واحد وهو الإسلام، لكن الشرائع مختلفة، فهؤلاء هم الموحدون الخلص أو المؤمنون الخلص.

<<  <  ج: ص:  >  >>