للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التوسل الشركي]

أما التوسل الشركي: فهو صرف التوسل لغير الله: إذ إن كل عبادة ثبتت بالشرع فصرفها لله عبادة، وصرفها لغير الله شرك، وقد ثبت في الشرع أن التوسل عبادة فصرفها لله توحيد، وصرفها لغير الله شرك.

ونرى اليوم من صرف التوسل الذي هو عبادة لغير الله فأشرك في ذلك، كمن يذهب إلى البدوي فقول: يا بدوي! أنقذني من المهالك، أو المرأة تذهب إلى قبره فتقول: يا بدوي! ابنتي لا تنجب فاجعلها تنجب، أو كمن يذهب إلى ضريح عبد القادر الجيلاني فيقول: يا جيلاني! يا ولي الله! اجعل السماء تمطر، فهذا دعاء لغير الله، وصرف الوسيلة لغير الله شرك، فقد وقع من يفعل ذلك في الشرك والعياذ بالله.

على أن هذا هو فعل الذين أشركوا في الجاهلية قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانوا يتعبدون لغير الله فيدعون ويستغيثون بغير الله، ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر:٣] فكذبهم الله.

ومن يذهب إلى البدوي أو إلى الجيلاني فيصرف التوسل لغير الله كأن يدعوه ويستغيث به، فقد كفر من وجهين اثنين: الوجه الأول: أنه صرف التوسل وهو عبادة لغير الله، فكفر من جهة الإلهية؛ لأن القاعدة في الإلهية: كل عبادة ثبت بالشرع أنها عبادة فصرفها لله توحيد وصرفها لغير الله شرك.

الوجه الثاني: وهو وجه الربوبية؛ لأنه اعتقد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله.

قال ابن تيمية وتابعه ابن القيم: من اعتقد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله فقد كفر.

فمن يذهب إلى قبر البدوي فقد اعتقد في البدوي ما لا يعتقد إلا في الله، فاعتقد فيه أنه سينقذه من المهالك، واعتقد فيه أنه سيحيي له ابنته، أو يصلح له زوجه أن تنجب، وهذا لا يكون إلا لله.

والقاعدة عند العلماء: من اعتقد في غير الله ما لا يعتقد إلا في الله فقد كفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>