للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعلَّه يغير فِي الأحكام الشرعيَّة بما له من البُهتان، الذي حُقَّ له به الخذلان والهوان - وفَّقنا الله لطاعته.

على أنِّي لم أبتَدِعْ ذلك الإفتاءَ، وإنما أخذته من كلامهم بالأولى؛ لأنَّهم إذا حرَّموا ما مَرَّ من الضرب بالصفاقتين وغيرهما مع أنَّه ليس فيها كبيرُ إطرابٍ، فما بالك بهذا الذي فاقَ إطرابه كما تواترت [به أخبارُ] (١) سامعيه إطراب العُود وغيره، وإذا علمت ما يأتي فِي الشَّبَّابَة وغيرها ظهَر لك اتِّضاح ما قلته وظهور ما بيَّنته وقرَّرته.

وممَّا يعلم منه ذلك قطعًا وهو من جملة مستنداتي فِي الإفتاء السابق "أنَّ شخصًا كان بزمننا فِي مصر، وكان يملأ إناءً من صيني ماء، ويمرُّ أصبعه على حافَّة الإناء، وينشد عليه كلام الصوفيَّة كالإمام [العارف] (٢) عمر بن الفارض (٣) فسُئِلَ عنه مشايخنا كشيخ الإسلام خاتمة المتأخِّرين أبي يحيى زكريا الأنصاري، ومعاصروهم كالكمال بن أبي شريف والشمس الجوجري شارحي "الإرشاد" (٤) وغيرهم، فبعضهم جزَم بِحُرمته لأنَّ فيه طربًا، وبعضهم تردَّد فقال: إنْ كان فيه إطرابٌ حرم وإلاَّ فلا، فهم متَّفِقون


(١) في (ز٢): كما أخبر.
(٢) في (ز٢): العارف بالله تعالى.
(٣) قال الحافظ ابن كثير: ابن الفارض: ناظم التائية فِي السلوك على طريقة المتصوفة المنسوبين إلى الاتحاد، هو أبو حفص عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي، الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، وكان أبوه يكتب فروض النساء والرجال، وقد تكلم فيه غير واحد من مشايخنا؛ بسبب قصيدته المشار إليها، وقد ذكره شيخنا أبو عبدالله الذهبي فِي ميزانه وحط عليه، مات فِي هذه السنة (أي: سنة ٦٣٢ هجرية)، وقد قارب السبعين؛ "البداية والنهاية"؛ لابن كثير.
(٤) "الإرشاد في فروع الشافعية"؛ لشرف الدين إسماعيل بن أبي بكر بن المقري اليمني الشافعي المتوفَّى سنة ست وثلاثين وثمانمائة اختصر فيه: "الحاوي الصغير"؛ للقزويني وعمل عليه شرحًا في مجلدين، وممَّن شرح "الإرشاد" العلامة الشمس محمد بن عبدالمنعم الجوجري؛ "كشف الظنون".

<<  <   >  >>