حُرمة سَماع ذلك المطرب، وقد تقرَّر أنَّ هذا من أعلى المطرِبات، فيشمله كلامهم بالنصِّ، وحينئذٍ فالمسألة منقولة، وصرَّح بها المتقدِّمون أيضًا؛ إذ لا شكَّ أنَّ العراقيين من أئمَّتنا هم المعوَّل عليهم فِي المذهب نقلاً وترجيحًا، وقد أطبَقُوا على قولهم: الأصوات المكتسَبة بالآلات ثلاثَةُ أضرُب: ضَرْب حرام؛ وهي التي تطرب من غير غِناء ... إلى آخِر ما يأتي، فكلامهم هذا شاملٌ لما نحن فيه كما لا يَخفَى على مَن له أدنى مسكةٍ من فهمٍ، فيكون التحريم الذي قرَّرته منقولاً للأصحاب، وحينئذٍ لا يبقى للنِّزاع فيه مَساغ، اللهم إلا مع العِناد؛ فإنَّه لا ينفَعُ معه شيء حتى الأدلَّة القرآنيَّة؛ لأنَّ الهوى يُعمِى ويصمُّ، نعوذُ بالله منه.
وقال الشمس الجوجري فِي "شرح الإرشاد": ويمكن أنْ يستدلَّ لتحريم الشَّبَّابَة بالقِياس على الآلات المحرَّمة؛ لاشتراكه معها فِي كونه مطربًا [ز١/ ٢٥/أ] بل ربما كان الطرب الذي فيه أشدَّ من الطرب الذي فِي نحو الكمنجة والرباب، فهو إمَّا قياس الأولى أو المساواة بالنسبة إلى المذكورين، وهما حَرام بلا خلافٍ، انتهى.
وصرَّح بما يعمُّ ذلك إمامُ الحرمين أيضًا، ونقَلَه عنه الأذرعي، وقال [عَقِبَهُ]: إنَّه فِي غاية الحُسن، وعبارة توسطه، وقد أشار الإمام إلى ضابط المحرَّم من ذلك وغيره بقوله: ما يصدر منه ألحانٌ مُستلَذَّة تهيج [السامع] وتستحثُّه على الطرب ومجالسة أحداثه فهو المحرَّم، فهذه العبارة تشمَل ما نحن فيه بالنص؛ لأنَّ ما ذُكِرَ موجودٌ فيه وزيادة.