للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنهما - المشهور، وأحسن فِي "الذخائر" فنقَل عن الأصحاب التحريم للمَزامِير مطلقًا.

ثم قال: وقال الغزالي: يحرم المِزمارُ العِراقِيُّ الذي يُضرَبُ به مع الأوتار، وفيما سواه وجهان، وأمَّا العراقيون فحرَّموا المَزامِير كلها من غير تفصيل؛ فإذًا المذهب الذي عليه الجماهيرُ تحريم اليَراع وهو الشَّبَّابة، وقد أطنَبَ الإمام الدولقي خطيب الشام فِي دلائل تحريمه وتقريرها كما رأيته بخطِّه فِي مصنَّفه، قال: والعجب كلُّ العجب ممَّن هو من أهل العلم يَزعُم أنَّ الشَّبَّابَة حلالٌ، ويحكيه وجهًا لا مستند له إلا خَيال، ولا أصلَ له وينسبه إلى مذهب الشَّافِعِي، ومَعاذ الله أنْ يكون ذلك مذهبًا له أو لأحدٍ من أصحابه الذين عليهم [التعويل] (١) فِي علم مذهبه والانتماء إليه، وقد عُلِمَ من غير شكٍّ أنَّ الشَّافِعِي حرَّم سائر أنواع الزمر، والشَّبَّابة من جملة الزمر، وأحد أنواعه، بل هي أحقُّ بالتحريم من غيرها؛ لما فيها من التأثير فوق ما فِي [الناي] (٢) وصوناي، وما حُرِّمتْ هذه الأشياء لأسمائها وألقابها، بل لما فيها من الصدِّ عن ذِكر الله وعَن الصَّلاة، ومُفارَقة التقوى، والميل إلى الهوى، والانغِماس فِي المعاصي، وأطال النفَس فِي تقرير التحريم، وأنَّه الذي درَج عليه الأصحاب من لَدُنِ الشَّافِعِي إلى آخِر وقتٍ من المصريين، والبغداديين، والخراسانيين، والشاميين، والجزريين [ز١/ ٢٦/أ] ومَن سكَن الجبال، والحجاز، وما وراء النهر، واليمن، كلهم يستدلُّ [بقصة] (٣) ابن عمر - رضي الله عنهما - يعني: حديث زمارة الراعي.


(١) في (ز١): التعول، والمثبت من (ز٢).
(٢) في (ز١): نائي، والمثبت من (ز٢).
(٣) في (ز٢): بقضية.

<<  <   >  >>