للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا كلُّه كذبٌ مصنوع وباطلٌ موضوع، ومَعاذ الله أنَّ سُلطان العلماء يُبِيحُ ما أجمعَ العلماء على تحريمه، ومَن توهَّم ذلك فيه لم يثقْ بعدُ بكلام عالمٍ قطُّ؛ لأنَّ مثلَ هذا الحبر إذا صرَّح فِي كتُبِه بِحُرمة تلك الآلات كلها وكذب عليه بذلك، واعتمد هذا الكذب مَن لا فهْم له بل ولا دِين، وأقرَّ هؤلاء الكَذَبة على كذبهم - زالت الثقة بالعلماء ومُؤلَّفاتهم، فتعيَّن علينا أنْ نبالغ فِي الردِّ على هؤلاء الذين لا خَلاقَ لهم ولا دِين بِحَجْزِهم عن قَبِيح الافتراء على العُلَماء العامِلين والأئمَّة المحقِّقين، وليت هؤلاء الأشقياء كذَبوا على مَن ليس له تصنيفٌ بين أيدي الناس يرجعون [ز١/ ٣٤/ب] إليه، وأمَّا هذا الإمام فتصانيفه مشهورةٌ منشورة، فهي تكذبهم وتُسفِّه أحلامهم، ومن العجب ما نقَلَه عن ابن القماح أنَّه لم [يردْ] (١) دليلٌ صحيح على تحريم ذلك، وهذا باطل، كيف ومرَّ فيه حديث البخاري، ولكنَّه تبع ابن حزم، وقد مرَّت المبالغة فِي الرد عليه، وأنَّ الخبر صحيح عند الحفَّاظ، وأنَّه مُصرِّح تصريحًا لا يقبَلُ تأويلاً بِحُرمة الآلات كلها كما مرَّ فِي التَّنْبِيه مع الرد عليه على مَن نازَع فيه، ونظيره ما نُقِلَ عن التاج الفزاري أنَّه كان يحضر غيرَ مرَّة السَّماع بالدُّفِّ والشَّبَّابَة، وبفرض صحَّة ذلك عنه فالدُّفُّ حلالٌ وكذا الشَّبَّابَة عند بعض العلماء، فلعلَّه ممَّن يبيحها، وهو بعيدٌ، ومَن استدلَّ على حلِّ السَّماع المحرم بأنَّ معتقدًا كان إذا سمع سماعًا اعتراه حال قام منتصبًا زمانًا طويلاً كأصحِّ الرجال [فلم يصب] (٢)، ومن أين ذلك للحاكي أنَّه سماع محرَّم؟ لأنَّ شأنَ هؤلاء المنتصِرين لحلِّ ما حرَّم الله على لسان نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ووارثيه أنهم يكتَفُون بمجرَّد حِكايةٍ يجدونها فِي


(١) في (ز٢): يرو عنه.
(٢) ليست في (ز٢).

<<  <   >  >>