للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إدمان لعبه، وهو فِي "المدونة" فِي موضعٍ ولم يقيد به فِي موضعَيْن آخرين منها، فإمَّا أنْ يحمل المطلق على المقيَّد أو يكون له فِي المسألة قولان، فظاهر كلام غير ابن الحاجب مُوافقته، قال بعض المالكيَّة: والإدمان أنْ يلعب بها فِي السَّنة أكثر من مرَّة، وقال آخَر منهم: أنْ يلعَب بها فِي السنة مرَّة، وبالإدمان قيَّد بعض الحنفيَّة أيضًا وهو صاحب "البدائع" (١) [ز١/ ٤٧/أ] وصاحب "الذخيرة"، وفرَّقا بينه وبين النرد أنَّه حَرام بالنصِّ، وحكَى صاحب "المغني" من الحنابلة عن مالكٍ وأبي حنيفة أنَّه مثله، وكذا نقَلَه عن بعض أكابر أصحابهم (٢)، وَعَنْ بعض أصحابه أنَّ لعبه مع معتقدٍ تحريمَه فكالنرد أو مع معتقد إباحته لم تردْ إلا إنِ اقترن به نحو قمار، وأمَّا عندنا فلا تسقُط العدالة إلا إنِ اقترن به محرم كما مرَّ وكذا إذا اقترن معه خارم مروءة؛ كلعبه به على الطريق، ولا نِزاع فيه وانقِطاعه إليه فِي أكثَرِ أحواله فتُرَدُّ به الشهادة على المنقول المعتمَد خِلافًا للبلقيني، قال بعضهم: وعلى هذا المنقول، فمَن أكبَّ عليه ممَّن بيده تدريس أو مشيخة أو غير ذلك من الوظائف التي يُشتَرط فيها العدالةُ فهو معزولٌ عنها شرعًا، وتَعاطِيه لذلك حَرامٌ إنْ كان قد وَلِيَها بطريق مُعتبَر شرعًا، ووجدت فيه الشُّروط المعتبرة أو أكثرها، فأمَّا مَن [اقتات] (٣) بذلك من أجْل [انتمائه] إلى مَن لا تمييز عنده فهو مُرتكبٌ للإثم ابتداءً وانتهاءً، انتهى.

وهي نفثة مَصدُور، على أنها سقطة فاحشة؛ إذ الذي تقرَّر أنَّ الإكباب عليه مخلٌّ بالمروءة، وهي ليست شرطًا فِي مُطلَق العدالة فِي قبول الشهادة فقط،


(١) "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (٦/ ٢٦٩) ط دار الكتب العلمية.
(٢) "المغني" (١٠/ ١٧٢) ط دار إحياء التراث العربي.
(٣) في (ز٢): أفتى.

<<  <   >  >>