للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن أبي الدُّنيا، وكذا أبو داود لكن بدون التشبيه، ورواه البيهقي أيضًا موقوفًا (١)، وفي الباب عن أبي هريرة أيضًا رواه ابن عدي (٢).

واعلم أنَّ بعض الصوفيَّة الذين لا يعرفون مواقع الألفاظ ومدلولاتها قال: المراد بالغناء هنا غنى المال، وكأنَّه لم يُفرِّق بين الغناء الممدود، والمقصور؛ إذ الرواية إنما هي الغناء بالمد، وأمَّا غنى المال فهو مقصورٌ لا غير، ذكَرَه الأئمَّة.

واستدلَّ له شيخُ الإسلام الحافظ العسقلاني بحديث ابن مسعود الموقوف بأنَّ فيه: "والذِّكر ينبت الإيمان في القلب، كما ينبت الماء البقل"، ألاَ تراه جعل ذِكر الله مُقابلاً للغناء؛ لكونه ذكر الشيطان، كما قابَل الإيمان بالنِّفاق، ا. هـ (٣).

وسيأتي أنَّ ذلك حديثٌ مرفوع أيضًا، ولعلَّ الحافظ لم يستحضره وقتَ كتابته لذلك.

وعن عليٍّ - كرم الله وجهه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - نهى عن ضرب الدفِّ ولعب [الصج] (٤) وضرب الزَّمَّارة؛ أخرجه الخطابي (٥).


(١) أخرجه أبو داود (٤٩٢٧)، والبيهقي (١٠/ ٢٢٣)، وقال ابن حجر في "تلخيص الحبير" (٤/ ٣٦٦): حديث: ((الغناء يُنبِت النفاق في القلب كما يُنبِت الماء البقل)) أبو داود بدون التشبيه، والبيهقي من حديث ابن مسعود مرفوعا، وفيه شيخ لم يسمَّ، ورواه البيهقي أيضًا موقوفا، وفي الباب عن أبي هريرة رواه ابن عدي، وقال ابن طاهر: أصحُّ الأسانيد في ذلك أنَّه من قول إبراهيم.
(٢) لم أقفْ عليه من حديث أبي هريرة.
(٣) "التلخيص الحبير" (٤/ ٣٦٦/ ط قرطبة).
(٤) في (ز٢): (الصنج).
(٥) أخرجه الآجري في "تحريم النرد والشِّطرَنج" (٦٣) بلفظ: عن مطر بن سالم، أنَّ علي بن أبي طالب - رضِي الله عنه - قال: "نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن ضرب الدف، ولعب الطبل، وصوت الزَّمَّارة"، وأورده الشوكاني في "نيل الأوطار" (٨/ ١١٣/ ط دار الحديث)، وعزاه إلى القاسم بن سلام بلفظ الآجري، وقال المناوي في "فيض القدير" (٩٤٩٠): حديثٌ ضعيفٌ يردُّه خبر صحيح ((فصلُ بين الحلال والحرام الضرب بالدفِّ))، وقال لِمَن قال: نذرت إنْ ردَّك الله سالِمًا أضرب بين يديك بالدفِّ ((أوفِ بنذرك))؛ رواهما ابن حبان وغيره، (ولعب الصنج) العربي يتَّخذ من صفر يضرب أحدهما بالآخر أو العجمي وهو ذو الأوتار وكلٌّ منهما حرام و (ضرب الزمارة)؛ أي: المزمار العراقي أو اليَراع وهو الشبابة وكلاهما حرام.
(تنبيه) سُئِلَ جدِّي شيخ الإسلام قاضي القضاة محيي الدين يحيى المناوي - رحمه الله تعالى - عن جماعةٍ يجتمعون يضربون بالدُّفوف المشتملة على الصراصير النحاس والمزامير وآلات الطرب فما يجب عليهم إذا اعتقدوا حلَّه أو تحريمه؟ وما يجب على مَن حضرَهُم وهو يعتقد التحريم ولم يُنكِره؟ وهل لكلِّ مسلم الإنكار عليهم والتعرُّض لمنعهم؟ وهل يُثاب ولي الأمر على منعهم؟
فأجاب بما نصُّه: أمَّا الأوتار فإنهم يُمنَعون منها ويأثَم الفاعل والحاضر والقادر على الإنكار ولم يُنكِر، ويُثاب ولي الأمر على منعهم (خط) في ترجمة نصر المعدل (عن عليٍّ) أمير المؤمنين وفيه إسماعيل بن عيَّاش وقد مرَّ ضعفُه، وعبدالله بن ميمون القدَّاح قال أبو حاتم: متروك، ومطر بن أبي سالم مجهول.

<<  <   >  >>