للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم: إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ ظانين ظنا فاسدا أن محمدا صلى الله عليه وسلم أتى بهذا القرآن من عند نفسه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ، فالقرآن يفسر بعضه بعضا، ويؤول بعضه بعضا، وهم يجهلون اختلاف المقامات والأحوال من لين وترغيب وشدة وترهيب وعموم وخصوص، ويعتقد هؤلاء المشركون أن ذلك تناقضا، هيأ لهم ذلك جهلهم وتعلقهم بضلالهم، أو يتعمدون المكابرة أمام الحقائق ويخلطون بينها دون اعتبار لوجوه الخطاب واختلاف المرامى، وبعد أن يرد ابن عاشور هذه المطاعن يبين المقصود من" بَدَّلْنا" فى الآية الكريمة السابقة، حيث ذكر أن المعنى هو التعويض ببدل أى عوض، ولا يعنى ذلك إبطال المعوض" بالفتح" بل هو قائم وقد يكون مما نسخ خطه وبقى حكمه، أو ما نسخ حكمه وبقى خطه تبعا لمقتضيات الخطاب (١).

ومن أمثلة ما ذكره فى رفع حكم آية وبقاء تلاوتها فى قوله تعالى:

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٢).

«قال المفسرون على أن هذه الآية ناسخة للتى قبلها فسقط وجوب تقديم الصدقة لمن يريد مناجاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- وروى ذلك عن ابن عباس واستبعده ابن عطية» (٣).


(١) راجع البرهان للزركشى، ج ٢، ص ١٥.
(٢) سورة المجادلة، الآية ١٣.
(٣) التحرير والتنوير، ج ٢٨، ص ٤٦.
ويقول هبة الله بن سلامة عن سورة المجادلة: «نزلت بالمدينة بإجماعهم وفيها آيات منسوخة، وهى إحدى الفضائل عن على بن أبى طالب كرم الله وجهه، لأنه روى عنه أنه قال: فى كتاب الله آية-

<<  <   >  >>