للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعجزات القائمة مقام تصديق الله تعالى للرسول المتحدى بها يؤول إلى تكذيب الله تعالى فى ذلك التصديق، فذلك المكابر غير المؤمن بالله الإيمان الحق، وبهذا يعلم أن لا وجه الدعوى كون هذه الآية منسوخة بقوله تعالى:

وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ (١) إذ لا استقامة فى دعوى نسخ الخبر إلا أن يقال إن الله أخبر به عن مؤمنى أهل الكتاب والصابئين الذين آمنوا بما جاءت به رسل الله دون تحريف ولا تبديل ولا عصيان وماتوا على ذلك قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون معنى الآية كمعنى قوله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر من يؤتى أجره مرتين «ورجل من أهل الكتاب آمن برسوله ثم آمن بى فله أجران».

وأما القائلون بأنها منسوخة، فأحسب أن تأويلها عندهم أن الله أمهلهم فى أول تلقى دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى أن ينظروا فلما عاندوا نسخها بقوله وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ لئلا يفضى قولهم إلى دعوى نسخ الخبر» (٢).

وقد ذكر هبة الله بن سلامة عن هذه الآية (البقرة: ٦٢): «والناس فيها قائلان، فقالت طائفة منهم مجاهد والضحاك وابن مزاحم هى محكمة ويقرءونها بالمحذوف المقدر، فيكون التقدير على قولهما: إن الذين آمنوا ومن آمن من الذين هادوا والنصارى والصابئين، وقال الأكثرون: هى منسوخة وناسخها عندهم: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً الآية» (٣).


(١) سورة آل عمران: الآية ٨٥.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٣٩.
(٣) الناسخ والمنسوخ، ص ١١.

<<  <   >  >>