للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن عاشور على أن هذه الآية غير منسوخة كما جاءت الروايات عن مجاهد والضحاك وابن مزاحم حيث لا يقع النسخ فيما أخبر به القرآن، ويقدم ابن عاشور استثناء لوقوع مثل هذا النسخ وهو أن يكون المؤمنون من أهل الكتاب والصابئون قد آمنوا بما جاءت به الرسل دون تحريف، أو تبديل وماتوا قبل البعثة المحمدية، ويكون معنى الآية كحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يؤتى أجره مرتين، أما عن القائلين بنسخها ففيما ذكره ابن عاشور من تأويلها عندهم يمنع وقوع نسخ الخبر، وتلك محاولة للتوفيق بين الفريقين عمادها عدم قبول الأقوال إلا بعد التحليل والتعليل.

وفى قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (سورة البقرة: الآية ١١٥).

ذكر ابن عاشور:

«وقد قيل إن هذه الآية إذن للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يتوجه فى الصلاة إلى أية جهة شاء، ولعل مراد هذا القائل أن الآية تشير إلى تلك المشروعية لأن الظاهر أن الآية نزلت قبل نسخ استقبال بيت المقدس إذ الشأن توالى نزول الآيات وآية نسخ القبلة قريبة الموقع من هذه، والموجه أن يكون مقصد الآية عاما كما هو الشأن فتشمل الهجرة من مكة والانصراف عن استقبال الكعبة» (١).

وذكر ابن سلامة أن هذه الآية محكمة والمنسوخ منها قوله تعالى فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ (٢).


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٦٨٣.
(٢) الناسخ والمنسوخ، ص ١٢.

<<  <   >  >>