للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وقد اختلف العلماء فى تعليل عجرهم عن ذلك، فذهبت طائفة قليلة إلى تعليله بأن الله صرفهم عن معارضة القرآن فسلبهم المقدرة، أو سلبهم الداعى، لتقوم الحجة عليهم بمرأى ومسمع من جميع العرب، ويعرف هذا القول بالصرفة، كما فى المواقف للعضد، والمقاصد للتفتازانى، ولم ينسبوا هذا القول إلا إلى الأشعرى فيما حكاه أبو الفضل عياض فى الشفاء إلى النظّام والشريف المرتضى وأبى إسحاق الأسفرايين فيما حكاه عنهم عضد الدين فى المواقف، وهو قول ابن حزم، صرح به فى كتاب الفصل، وقد

عزاه صاحب المقاصد فى شرحه إلى كثير من المعتزلة» (١).

وابن عاشور يرفض مبدأ الصرفة هذا، إذ أن تقرير هذا المبدأ يعنى عدم جواز التحدى بالقرآن الكريم لكون إعجازه ليس من داخله، أو من خصائصه التى انفرد بها، وعجائبه التى تفوق بها عن سائر كلام البشر ... ويقول:

«وأما الذى عليه جمهرة أهل العلم والتحقيق واقتصر أئمة الأشعرية عليه، وإمام الحرمين وعليه الجاحظ وأهل العربية كما فى المواقف، فالتعليل لعجز المتحدثين به بأنه بلوغ القرآن فى درجات البلاغة، والفصاحة مبلغا تعجز قدرة بلغاء العرب عن الإتيان بمثله، وهو الذى نعتمده ونسير عليه فى هذه المقدمة العاشرة» (٢).


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٠٣.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٠٤.
وذكر نصير الدين الطوسى" ت ٦٧٢ هـ" إعجاز القرآن .. قيل لفصاحته، وقيل لأسلوبه، وقيل لصرفه ... والكل محتمل". تجديد العقائد، ص ١٣٠، دراسة وتحقيق د. عباس محمد حسن سليمان، دار المعرفة الجامعية- الإسكندرية، ١٩٩٦.
وانظر فخر الدين محمد بن عمر الرازى" ٦٠٦ هـ" نهاية الإيجاز فى دراسة الإعجاز، ص ٤، ٥، نسخة مخطوطة بتحقيق الدكتور محمد مصطفى هدارة، حيث ذهب الرازى مؤكدا أن وجه إعجازه يكمن فى فصاحته"

<<  <   >  >>