للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وقد بدا لى دليل قوى على هذا وهو إبقاء الآيات التى نسخ حكمها وبقيت متلوة من القرآن ومكتوبة فى المصاحف، فإنها لما نسخ حكمها لم يبق وجه لبقاء تلاوتها وكتبها فى المصاحف إلا ما فى مقدار مجموعها من البلاغة بحيث يلتئم منها مقدار ثلاث آيات متحدى بالإتيان بمثلها، مثال ذلك آية الوصية من سورة العقود» (١).

ويرى ابن عاشور ملاك وجوه الإعجاز راجعا إلى ثلاث جهات أولها بلوغه الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربى البليغ من حصول كيفيات فى نظمه، مفيدة معانى دقيقة ونكتا من أغراض الخاصة من بلغاء العرب مما لا يفيده أصل وضع اللغة، وثانيها: ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف فى نظم الكلام مما لم يكن معهودا فى أساليب العرب، ولكنه غير خارج عما تسمح به اللغة، وثالثها: ما أودع فيه من المعانى الحكمية والإشارات إلى الحقائق العلمية والعقلية بما لم تبلغ إليه عقول البشر فى عصر نزول القرآن وفى عصور بعده متفاوتة.

ومما قدمه ابن عاشور من تلك الوجوه التى جاءت فى القرآن الكريم وما فيه من ألوان الخطاب المعجز وأفانين البلاغة.

«وفيه التنبيه على محسن المطابقة كقوله فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢).

والتنبيه على ما فيه من تمثيل كقوله تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ


(١) التحرير والتنوير، ج ١، ص ١٠٤.
(٢) سورة الحج: الآية ٤.
وانظر الزركشى: البرهان، ج ٣، ص ٤٥٨

<<  <   >  >>