للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن العجيب تهويل الزمخشرى بهذا القول إذ يقول: «ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت لله ما نفاه عن ذاته من الرضى بالكفر فقال: هذا من العام الذى أريد به الخاص ... إلخ.

فكان آخر كلامه ردا لأوله وهل يعد التأويل تضليلا، أم هل يعد العام المخصوص بالدليل من النادر القليل» (١).

وذكر الشهرستانى وهو يتحدث عن" الأشعرية" هم أصحاب أبى الحسن على بن إسماعيل المنتسب إلى أبى موسى الأشعرى رضى الله عنهما، وسمعت من عجيب الاتفاقات أن أبا مرسى الأشعرى كان يقرر عين ما يقرر الأشعرى أبو الحسن فى مذهبه، وقد جرت مناظرة بين عمرو بن العاص وبينه، فقال عمرو: أين أجد أحدا أحاكم إليه ربى؟ فقال أبو موسى: أنا ذلك المتحاكم إليه، فقال عمرو: أو يقدّر علىّ شيئا ثم يعذبنى عليه؟ قال: نعم، قال عمرو: ولم؟ قال: لأنه لا يظلمك، فسكت عمرو ولم يجد جوابا" (٢).

والإرادة الإلهية من المسائل التى يكثر فيها الجدل بين الفرق الإسلامية، أو بين الفلاسفة من أصحاب الأديان، ولعل مرجع اختلافهم إلى وعورة هذا النوع من المسائل، وصعوبة الاتفاق بينهم على تعريف محدد للإرادة الإلهية فضلا على أسباب الاختلاف الأخرى.

وعلى سبيل الاختصار يمكن القول بأن الأشاعرة يقولون بالإرادة الإلهية الكاملة، وأنه خالق لكل شىء الخير والشر على السواء، أما المعتزلة


(١) التحرير والتنوير ج ٢٣ ص ٣٤.
(٢) الملل والنحل ج ١ ص ٩٤.

<<  <   >  >>