للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكانوا ينظرون إلى الإرادة الإلهية على أنها محددة بخلق الخير دون الشر، وهذا فى حد ذاته تحديد للإرادة الإلهية" (١).

وقد أوضح ابن عاشور فى تفسيره لهذه الآية موقف الأشاعرة من هذه الإرادة بقوله:

قالوا: فمن كفر فقد أراد الله كفره، ومن آمن فقد أراد الله إيمانه"

ومن ثم يظهر تعجب ابن عاشور من تهويل الزمخشرى فيما ذهب إليه الأشاعرة فى فهمهم للإرادة الإلهية، «إذ يقول: ولقد تحمل بعض الغواة ليثبت لله وما نفاه عن ذاته من الرضى والكفر، فقال هذا من العام الذى أريد به الخاص ... ».

ويسارع ابن عاشور باتهام الزمخشرى بالتناقض" فكان آخر كلامه ردا لأوله"، ثم تساءل مفندا مزاعم صاحب الكشاف:" وهل يعد التأويل تضليلا، أم هل يعد العام المخصوص بالدليل من النادر القليل".

نخلص من ذلك كله إلى أن أثر تفسير الكشاف عند ابن عاشور كان فيما اتفقت فيه الآراء أو تطابقت وجوه النظر، وقد يمثل ذلك تأثرا أو إعجابا خصوصا فى ميادين البلاغة واللغة والنحو والمعانى والبيان، كما كان هناك أيضا بعض وجوه الاتفاق فى عدم الأخذ بظاهر القرآن فى آيات الصفات، وكان لكل منهما وسائله وأدواته وطريقته فى بيان اعتقاده.

كذلك كان هناك اختلاف بين المفسرين حيث مال ابن عاشور إلى موقف الأشاعرة فى فهمهم للإرادة الإلهية الذى ناهضة الزمخشرى، ومن ثم انبرى ابن عاشور مدافعا عن هذا المفهوم، وراح يفند مزاعم المفسر الاعتزالى.


(١) انظر دكتور عبد البارى محمد داود الإرادة عند المعتزلة والأشاعرة ص ١٧٦ دار المعرفة الجامعية ١٩٩٦ م. وانظر القاضى عبد الجبار، المغنى، فى أبواب التوحيد والعدل، تحقيق الأب جورج قنواتى مراجعة الدكتور إبراهيم مدكور، إشراف" طه حسين".

<<  <   >  >>