للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس أن كل آية من القرآن نزلت على سبب، حتى رفعوا الثقة بما ذكروا، بيد أنّا نجد فى بعض آى القرآن إشارة إلى الأسباب التى دعت إلى نزولها. ونجد لبعض الذى أسبابا تثبت بالنقل دون احتمال أن يكون ذلك رأى الناقل، فكان أمر أسباب نزول القرآن دائر بين القصد والإسراف، وكان فى غض النظر عنه وإرسال حبله على غاربه خطر عظيم فى فهم القرآن» (١).

وفحوى هذا الكلام أن ابن عاشور ينعى على بعض المفسرين الذين أكثروا فى ذكر أسباب النزول وأغربوا فيها ليوهموا الناس أن لكل آية سببا فى نزولها، ومن ثم رفعوا الثقة فيما يذكرون من أقوال.

وعلى الجانب الآخر وجد ابن عاشور فى بعض الآيات إشارة إلى الأسباب التى دعت إلى نزولها، كما أن لبعض الآيات أسبابا ثبتت بالنقل لا بالرأى، وعلى ذلك لا يستطيع أن يغض النظر عن ذكر هذه الأسباب أو الإشارات ولكن دون إسراف أو مبالغة.

وذكر أيضا فى هذا الفصل:

«إن من أسباب النزول ما ليس المفسر بغنى عن علمه بها لأن فيها بيان مجمل، أو إيضاح خفى وموجز، ومنها ما يكون وحده تفسيرا، ومنها ما يدل المفسر على طلب الأدلة التى بها تأويل الآية أو نحو ذلك».

أى أن أسباب النزول تمثل عونا كبيرا فى بيان المواد من الآية المطروحة أمام المفسر أيا ما كانت الحاجة التى تستوجب وقوفه عندها شريطة أن تكون صحيحة الأسانيد كما ذكر ابن عاشور فى مواضع كثيرة فى هذا الفصل.

وابن عاشور وهو يستعين بأسباب النزول نراه أحيانا يذكر أكثر من سبب فى نزول الآية الواحدة ...


(١) التحرير والتنوير ج ١ ص ٤٦.

<<  <   >  >>