للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمر بأخاديد وجمع فيها حطب وأشعلت، وعرض أهل نجران عليها فمن رجع عن التوحيد تركه ومن ثبت على الدين الحق قذفه فى النار.

فكان أصحاب الأخدود ممن عذب من أهل دين المسيحية فى بلاد العرب. وقصص الأخاديد كثيرة فى التاريخ، والتعذيب بالحرق طريقة قديمة، ومنها: نار إبراهيم عليه السلام. وأما تحريق عمرو بن هند مائة من بنى تميم وتلقيبه بالمحرق فلا أعرف أن ذلك كان باتخاذ أخدود. وقال ابن عطية: رأيت فى بعض الكتب أن أصحاب الأخدود هو محرق وآله الذى حرق من بنى تميم مائة» (١).

وفى قوم تبّع ذكر فى قوله تعالى: أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (سورة الدخان: الآية ٣٧).

«وافتتح الكلام بالاستفهام التقريرى لاسترعاء الأسماع لمضمونه لأن كل أحد يعلم أن تبعا ومن كان قبله من الملوك خير من هؤلاء المشركين.

والمعنى: أنهم ليسوا خيرا من قوم تبع ومن قبلهم من الأمم الذين استأصلهم الله لأجل إجرامهم فلما ماثلوهم فى الإجرام فلا مزية لهم تدفع عنهم استئصال الذى أهلك الله به أمما قبلهم.

والاستفهام فى" أهم خير أم قوم تبع" تقريرى، إذ لا يسعهم إلا أن يعترفوا بأن قوم تبع والذين من قبلهم خير منهم لأنهم كانوا يضربون بهم الأمثال فى القوة والمنعة؛ والمراد بالخيرية التفضيل فى القوة والمنعة، كما قال تعالى بعد ذكر قوم فرعون أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ (٢).


(١) التحرير والتنوير، ج ٣٠، ص ٢٤١، ٢٤٢.
(٢) سورة القمر: الآية ٤٣.

<<  <   >  >>