للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوم تبع هم حمير، وهم سكان اليمن وحضر موت من حمير وسبأ، وقد ذكرهم الله تعالى فى سورة ق.

وتبع بضم الميم وتشديد الموحدة لقب لمن يملك جميع بلاد اليمن حميرا وسبأ وحضر موت. فلا يطلق على الملك لقب تبع إلا إذا ملك هذه المواطن الثلاثة، قيل سموه تبعا باسم الظل لأنه يتبع الشمس كما يتبع ظل الشمس، ومعنى ذلك: أنه يسير بغزوته إلى كل مكان تطلع عليه الشمس، كما قال تعالى فى ذى القرنين فَأَتْبَعَ سَبَباً* حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ إلى قوله لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً (١) وقيل لأنه تتبعه ملوك مخاليف اليمن، وتخضع له جميع الأقيال والأذواء من ملوك مخاليف اليمن وأذوائه، فلذلك لقب تبعا لأنه تتبعه الملوك.

وتبع المراد هنا المسمى أسعد والمكنى أبا كرب، كان قد عظم سلطانه وغزا بلاد العرب ودخل مكة ويثرب وبلغ العراق، ويقال إنه الذى بنى مدينة الحيرة فى العراق، وكانت دولة تبع فى سنة ألف قبل البعثة المحمدية، وقيل كان فى حدود السبعمائة قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم.

وتعليق الإهلاك بقوم تبع دونه يقتضى أن تبعا نجا من هذا الإهلاك وأن الإهلاك سلّط على قومه، قالت عائشة: ألا ترى أن الله ذم قومه ولم يذمه.

والمروى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى مسند أحمد وغيره أنه قال:

«لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم (وفى رواية) كان مؤمنا» وفسره بعض العلماء بأنه كان على دين إبراهيم عليه السلام، وأنه اهتدى إلى ذلك بصحبة حبرين من أحبار

اليهود لقيهما بيثرب حين غزاها، وذلك يقتضى نجاته من الإهلاك ولعل الله أهلك قومه بعد موته أو فى مغيبه» (٢).


(١) سورة الكهف، والآيات المقصودة: ٨٦ - ٩٠.
(٢) التحرير والتنوير، ج ٢٥، ص ٣٠٨.

<<  <   >  >>