للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يلعب الترتيب الزمنى فيها شرطا بارزا، وغالبا ما يعقب أحداث القصة تعليل واضح مظهرا الجزاء أو العاقبة.

ومن وجوه الإعجاز فى القصص القرآنى أن عرب الجزيرة العربية قبل الإسلام لم يعرفوا هذه القصص، لا فى أخبارها، ولا فى أسلوبها.

وإذا كان بعض هذه الأخبار قد وصل إليهم، فقد كان عن طريق اليهود والمسيحيين من ساكنى الجزيرة العربية، وبعض التجار الذين كانوا ينتقلون بين أرجائها، وتناقلتها الأفواه، وتشويش الحقائق فيها ظاهر، والأكاذيب والتحريف والمعتقدات الفاسدة تملؤها.

وقد تكون فى القصص القرآنى تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم، وتثبيت فؤاده، وتثبيت قلوب المؤمنين معه، وقد يكون فيها كذلك شحذ للهمم أو استرواح للنفوس، ولكن يتحقق كل ذلك من خلال عرض حقائق معجز فى أسلوبه، مقنع فى عظاته، تتعدد فيه ألوان البيان الصافى أيا ما كانت صور التكرار.

وقد قرأنا فى المثال السابق قصة موسى مع اليهود الذين خرجوا معه، وعدم صبرهم على طعام واحد، وفى المثال التالى جزء آخر من قصة موسى عليه السلام وهو لم يزل فى المهد، وقد حرص ابن عاشور على بيان ما تضمنه من موعظة وذكرى.

جاء فى تفسير قوله تعالى: فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ سورة القصص: الآية ١٣.

«وموضع العبرة من هذه القصة أنها تتضمن أمورا ذات شأن فيها ذكرى للمؤمنين وموعظة للمشركين.

<<  <   >  >>