للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما قدم فى الآية ذكر عاد وثمود على ذكر قوم نوح مع أن هؤلاء أسبق لأن عادا وثمودا أشهر فى العرب وأكثر ذكرا بينهم وديارهم فى بلاد العرب» (١).

وفى قصة موسى عليه السلام، ذكر ابن عاشور فى تفسير قوله تعالى:

وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ (سورة البقرة: الآية ٦١).

«وقد أشارت الآية إلى قصة ذكرتها التوراة مجملة منتثرة، وهى أنهم لما ارتحلوا من برية سينا من" حوريب" ونزلوا فى برية" فاران" فى آخر الشهر الثانى من السنة الثانية من الخروج سائرين إلى جهات" حبرون" فقالوا تذكرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر مجانا (أى يصطادونه بأنفسهم) والقثاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم وقد يبست نفوسنا فلا نرى إلا هذا المن فبكوا فغضب الله عليهم وسأله موسى العفو فعفا عنهم، وأرسل عليهم السلوى فادخروا منها طعام شهر كامل» (٢).

والقصص القرآنى ليست كغيرها من القصص، فأحداثها واقع تاريخى يخلو من المبالغات والأوهام والأباطيل، وقد تكون مجملة مرة، ومفصلة مرة أخرى، ولكن تختلف صياغتها فى كل مرة من هذه المرات تبعا للهدف الذى يسعى إليه السياق، ووحدة الحدث والوحدة العامة تغنيان عن تفاصيل كثيرة،


(١) التحرير والتنوير، ج ٢٧، ص ١٥٢.
(٢) التحرير والتنوير، ج ١، ص ٥٢١.

<<  <   >  >>