لم يعد الأمميون قادرين على التفكير في مسائل العلم دون مساعدتنا. وهذا هو السبب في أنهم لا يحققون الضرورة الحيوية لأشياء معينة سوف نحتفظ بها حين تبلغ ساعتنا أجلها، أعني أن الصواب وحده بين كل العلوم وأعظمها قدراً هو ما يجب أن يعلم في المدارس، وذلك هو علم حياة الانسان والأحوال الاجتماعية، وكلاهما يستلزم تقسيم العمل، ثم تصنيف الناس فئات وطبقات. وانه لحتم لازم أن يعرف كل إنسان فيما بعد أن المساواة الحقة لا يمكن أن توجد. ومنشأ ذلك اختلاف طبقات أنواع العمل المتباينة. وان من يعملون بأسلوب يضر فئة كاملة لا بد أن تقع عليهم مسؤولية تختلف أمام القانون عن المسؤولية التي تقع على من يرتكبون جريمة لا تؤثر الا في شرفهم الشخصي فحسب.
ان علم الأحوال الاجتماعية الصحيح الذي لا نسلم أسراره للأمميين سيقنع العالم أن الحرف والأشغال يجب أن تحصر في فئات خاصة كي لا تسبب متاعب انسانية تنشأ عن تعليم لا يساير العمل الذي يدعي الأفراد إلى القيام به. واذا ما درس الناس هذا العلم فسيخضعون بمحض ارادتهم للقوى الحاكمة وهيئات الحكومة التي رتبتها. وفي ظل الأحوال الحاضرة للجمهور والمنهج الذي سمحنا له بانتباه ـ يؤمن الجمهور في جهله ايماناً اعمى بالكلمات المطبوعة وبالأوهام الخاطئة التي أوحينا بها إليه كما يجب، وهو يحمل البغضاء لكل الطبقات التي يظن أنها أعلى منه، لانه لا يفهم أهميه كل فئة. وان هذه البغضاء ستصير أشد مضاء حيث تكون الأزمات الاقتصادية عالمية بكل الوسائل الممكنة التي في قبضتنا، وبمساعدة الذهب الذي هو كله في أيدينا. وسنقذف دفعة واحدة إلى الشوارع بجموع جرارة من العمال في أوروبا، ولسوف تقذف هذه الكتل عندئذ بأنفسها الينا في ابتهاج، وتسفك دماء اولئك الذين تحسدهم ـ لغفلتهما ـ منذ الطفولة، وستكون قادرة يومئذ على انتهاب ما لهم من أملاك. انها لن تستطيع ان تضرنا، ولأن لحظة الهجوم ستكون معروفة لدينا، وسنتخذ الاحتياطات لحماية مصالحنا.