حفزني على طلبها وتجشم المتاعب في سبيلها والرغبة في ترجمتها قبل العثور عليها، وذلك بعد ان أطلعت على فقر وخلاصات منها بالانجليزية والعربية في الكتب والصحف، حتى قضى الله لي بكلما أردت منها بعد اليأس، فتحقق لي ما ينسب الى الشاعر المتيم المجنون بليلاه:
"وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ان تلاقيا"
فالحمد لله الذي يجمع بعد شتات، وقضى باللقاء والإئتلاف بعد مواجع اليأس وطول الفراق.
هذه الترجمة أمينة على روح النص تمام الامانة، وتكاد لدقتها أن تكون حرفية في مجمل ملامحها سطراً سطراً، لا فقرة فحسب، فلم أحد قيد شعرة عن النص الانجليزي في أي موضع، مع مراعاة المحافظة على فصاحة الترجمة العربية وسلامة عباراتها، ومراعاة ما يستلزمه الفرق بين اللغتين في النظم، ولست أبالغ اذا ادعيت أن المترجم الانجليزي لو ترجمها إلى العربية لم ضمن لها من الوضوح والدقة والبلاغة أعظم من ترجمتنا، وهذا ما جعلني أكتب في صدر الترجمة أنها "أول ترجمة امينة كاملة" دون تبجح ولا استعلاء.
وأحمد الله حق حمده أيضاً بما أولى الطبعة الأولى من عناية القراء الذي تعد عنايتهم بكتاب تشريفاً له ولصاحبه، وان لم تكن شرفاً لهما، إذ لا شرف لانسان ولا لعمل الا بما فيه. لا باقبال عليه أو باعراض عنه، وحسب الإنسان الفاني شرفاً أن يبذل مخلصاً لغيره غاية وسعه على ما تقتضي الكرامة والمروءة وتقوى الله، فأما الاقبال والاعراض وما اليهما من رواج وكساد وحظوظ عارضة قد تكون عادلة أو جائرة.
ولقد تمثلت عناية هؤلاء القراء الأماثل في صور شتى، فتناوله كثير منهم بالدرس أو النقد، وتناوله غيرهم بالتلخيص أو التوضيح كتابة في الصحف أو