ان القروض الخارجية مثل العلق الذي لا يمكن فصله من جسم الحكومة حتى يقع من تلقاء نفسه، أو حتى تتدبر الحكومة كي تطرحه عنها، ولكن حكومات الأمميين لا ترغب في أن تطرح عنها هذا العلق، بل هي ذلك. فانها تزيد عدده، وبعد ذلك كتب على دولتهم أن تموت قصاصاً من نفسها بفقد الدم. فماذا يكون القرض الخارجي الا أنه علقة؟ القرض هو اصدار أوراق حكومية توجب التزام دفع فائدة تبلغ نسبة مئوية من المبلغ الكلي للمال المقترض. فإذا كان القرض بفائدة قدرها خمسة من مائة، ففي عشرين سنة ستكون الحكومة قد دفعت بلا ضرورة مبلغاً يعادل القرض لكي تغطي النسبة المئوية. وفي أربعين سنة ستكون قد دفعت ضعفين، وفي ستين سنة ثلاثة أضعاف المقدار، ولكن القرض سيبقى ثابتاً كأنه دين لم يسدد.
ثابت من هذه الاحصائية ان هذه القروض تحت نظام الضرائب الحاضرة (١٩٠١) تستنفذ آخر المليمات النهائية (١) من دافع الضرائب الفقير، كي تدفع فوائد للرأسماليين الأجانب الذين اقترضت الدولة منهم المال، بدلاً من جمع الكمية الضرورية من الأمة مجردة من الفوائد في صورة الضرائب.
وقد اكتفى الأغنياء ـ طالما كانت القروض داخلية ـ بأن ينقلوا المال من أكياس الفقراء إلى أكياس الأغنياء، ولكن بعد أن رشونا أناساً لازمين لاستبدال القروض الخارجية بالقروض الداخلية ـ تدفقت كل ثروة الدول إلى خزائننا، وبدأ كل الأمميين يدفعون لنا مالاً يقل عن الخراج المطلوب.
والحكام الأمميون ـ من جراء اهمالهم، أو بسبب فساد وزرائهم أو جهلهم ـ قد جروا بلادهم إلى الاستدانة من بنوكنا، حتى أنهم لا يستطيعون تأدية هذه
(١) في الأصل Last sent، والترجمة الحرفية "السنتات النهاية" والسنت Cent عملة أمركية، وهو يساوي جزءاً من مائة جزء من الدولار Dollar أو الريال الأمريكي.