للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريق وحدة الحكم واللغة (الانجليزية) والتعليم (الأوروبي) والتجارة: فالهنود لاختلاف لغاتهم لا يتخاطبون الا بالانجليزية، وهناك غير اللغة من أسباب التقريب والتوحيد بين مصالح الهنود أنفسهم، وكلها لم تكن لتتحقق بغير الانجليز. فلما ساروا تحت حماية الاستعمار في طريق الاتحاد شوطاً بعيداً فطنوا إلى مساوئ الاستعمار وشدة وطأته وتطفله عليهم، مع أن هذه الشرور كانت أولاً أشد وأعنف منها أخيراً وقل مثل ذلك في قيام الكومنولث البريطانية، وقيام الخلافة العثمانية وهي في أشد حالات الفوضى والفقر والفساد. ولما استنفد الاستعمار رسالته انحل من تلقاء نفسه، وهكذا طواغيت قريش المختلفون على وضع الحجر الأسود عند بناء الكعبة إلى حد التقاتل قد اتفقوا أن يضعه أول داخل (ولو كان عبداً أو طفلاً). وهكذا تقوم الصلة بين الزوجين أحياناً وان كان كل منهما يمقت الآخر أشد المقت ولكنه يخشى عليه هبة النسيم، لأن تشابك المصالح الضرورية بينهما كتربية الأولاد يجعلها لا تتحقق الا في ظل هذه الزوجية الممقوتة.

وليس للمملكة الاسرائيلية على النحو الذي وصف اليود أية رسالة عالمية، العالم غير متهييء لها: فلا تستطيع قوى السموات والأرض أن تكره الأمم جميعاً على اهدار مصالحها من أجل اليهود ولو كانت تلك هي ارادة "يهوه رب الجنود" وفرق بعيد بين تشابك المصالح اليهودية مع مصالح الدول الكبرى والصغرى منفردة بكل دولة، وهو سر نفوذهم، وتشابك هذه المصالح مع مصالح الدول مجتمعة.

(ج) يظهر من تطور التاريخ كما يرى الاستاذ العقاد ـ أنه متجه إلى الاعتراف بالحرية والكرامة الانسانية لكل إنسان، لأنها مناط المسؤولية الذي يميز أنساناً من إنسان، وأمة من أمة، وهذه حقيقة راسخة في بنية الإنسان فرداً ومجتمعاً رسوخ انسانيته، باقية بقاءها، فكل ما يصطدم بهذا الاتجاه أو

<<  <   >  >>