للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينتهيان بمشهد التدمير والإهلاك، هناك تدمير للجنتين اللتين كانتا السبب في كفر صاحبهما وبطره وهنا تدمير القوم الكافرين بسبب تكذيبهم الرسل.

كذلك كان هناك الرجل المؤمن يدعو صاحبه إلى تذكر نعمة الله عليه، والإيمان به، وهنا أيضا نلاحظ الرجل المؤمن يدعو قومه إلى الإيمان وينصحهم باتباع الرسل.

فالروابط التصويرية والفكرية واضحة في المثلين، بالإضافة إلى الروابط التعبيرية في تخطي ذكر الزمان والمكان، وأسماء الأشخاص، هذه الروابط طبيعية ضمن هذه الأمثال، لأنها تشكل مجموعة مميّزة في الأمثال القرآنية باعتمادها على القصة كعنصر من عناصر إظهار المعاني الدينية. فالطابع القصصي فيها، يجعلها مجموعة مستقلة بروابطها وعلاقاتها التصويرية والحوارية، ولكنها أيضا تدور في اتجاه الأمثال القرآنية، حول الأغراض الدينية التي هي الوظيفة الأساسية للصورة الفنية في القرآن.

وكما ضرب الله مثلا بالرجال، ضرب مثلا بالنساء، فضرب مثلا بامرأة نوح وامرأة لوط كنموذجين للخيانة الدينية في بيت النبوة والرسالة: قال تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ التحريم: ١٠.

وهذا المثل يهدف إلى بيان أن الروابط الحقيقية هي روابط الإيمان وليس سواها، فكل إنسان مسئول عن عمله وتصرفه.

وضرب الله أيضا مثلا بامرأة فرعون وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ التحريم: ١١.

وامرأة فرعون نموذج للمرأة الصالحة التي تخلّت عن كل مظاهر الملك والجاه والحياة الناعمة في القصور، وتبرأت من فرعون وعمله، وأعلنت ولاءها لله سبحانه، ورغبت فيما عنده من الثواب. وهذا المثل يتفاعل مع المثل السابق في السياق لبيان مسئولية الإنسان عن عمله، ثم عطف على مثل امرأة فرعون بمريم بنت عمران التي هي مثل الطهر والعفاف، والانقياد لله. يقول تعالى: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ التحريم: ١٢.

وأختم هذا الفصل بمثل رائع ضربه الله لنوره لتقريبه إلى الأذهان في قوله: اللَّهُ نُورُ

<<  <   >  >>