للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأثير الوجداني من خلال توفير عناصر فنية فيها.

وقد اعتمدت القصة على التنويع في أسلوب العرض للأحداث، فمرّة تبدأ بإعطاء موجز عن الأحداث لتهيّئ الأذهان، وتشوّقها إلى العرض المفصّل بعد ذلك كقصة أصحاب الكهف.

ومرّة تضع مغزى القصة، أو نهايتها قبل العرض المفصّل، كما في قصة يوسف حيث نلاحظ أن أحداثها المفصّلة، جاءت بمنزلة تفسير لرؤيا يوسف في بداية القصة.

وأحيانا تعرض القصة بعد مقدمات. كقصة مريم. وقد يشير أحيانا ببعض الألفاظ لبداية العرض، ثم يترك القصة تعبر عن نفسها كقصة إبراهيم وإسماعيل في بناء الكعبة.

وكما تنوّعت طرق العرض للأحداث، تنوّعت أيضا طرق «الإثارة الفنية»، وذلك بالاعتماد على عنصر المفاجأة المؤثّر في النفوس.

فقد تكون المفاجأة لبطل القصة والقرّاء معا، كما في قصة «موسى والرجل الصالح» في سورة الكهف، وقصة مريم، وقد تكون لأبطال القصة وليس للقراء، لأنهم يعرفون السرّ مسبقا مثل «قصة أصحاب الجنة». وغالبا ما يكون ذلك لتحقيق السخرية والتهكم.

وقد تكون المفاجأة موزّعة بين البطل والقراء في مواضع مختلفة مثل قصة عرش بلقيس.

كذلك هناك الفجوات الفنية متروكة بين المشهد والمشهد ليقوم الخيال بملء هذه الفجوات.

ولا يخفى ما في هذه الفجوات بين المشاهد القصصية من إثارة للخيال، ومتعة فنية.

وهذه الخصائص الفنية متبعة في القصة القرآنية التي ترمي إلى تحقيق أغراض دينية، فهي تهمل مشاهد، وتركّز على مشاهد معينة، يكون فيها الغرض الديني واضحا.

فقصة يوسف عليه السلام مثلا. مليئة بالمشاهد ترك بين مشهد ومشهد فجوات فنية، لإثارة الخيال، وتحريكه، ليملأ هذه المشاهد بما يتفق مع السرد القصصي.

ويعد التصوير الفني للأحداث والشخصيات أهم العناصر الفنية في القصص القرآني، فهو الذي يقوم بنقل الحوادث، ويجسّم العواطف والمشاعر الإنسانية، ويصوّر الشخصيات، فيجعل القصة حية شاخصة بأحداثها وأشخاصها، وليست مجرد قصة تروى.

يقول محمد يوسف نجم في دور التصوير في القصة: «والصورة البيانية المشرقة لها

<<  <   >  >>