للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طبيعتهم، وتعريف المسلمين بأساليبهم الماكرة لكي يحذروهم.

ثانيا: في طريقة عرض القصة لأحداثها. فأحيانا يبدأ العرض من الحلقة الأولى للقصة إذا كانت فيها عظة واعتبار، كقصة آدم وعيسى مثلا. وقد تعرض حلقتها المتأخرة مثل قصة نوح وهود وصالح ولوط وشعيب.

ثالثا: في طول القصة وقصرها، فالطول والقصر يتبعان أيضا الغرض الديني، ويخضعان له.

فقصة موسى عليه السلام ترد مفصّلة من بدايتها إلى نهايتها، فتبدأ من ولادته ثم نشأته في بيت فرعون ثم فراره إلى مدين، ثم عودته إلى مصر لدعوة فرعون وقومه ثم في نهاية فرعون وجنوده بالموت غرقا.

كذلك قصة «يوسف» مكتملة بأحداثها وأشخاصها، مفصّلة بحلقاتها، في سورة واحدة.

وهناك قصص موجزة، ورد منها ما يتعلق بالرسالة فقط، وموقف الناس منها. مثل قصة هود- وصالح ولوط وشعيب.

وقصص أخرى موجزة جدا كقصة زكريا، وأيوب، ويونس.

وهناك قصص يشير إليها ولا يروي شيئا عنها مثل قصة إدريس، واليسع، وذا الكفل.

رابعا: في إهمال تصوير الجانب الحسي للشخصية، وكذلك تصوير المكان وتحديده، وكذلك تحديد الزمان إلى آخر ما هنالك من ظواهر تأثير الغرض الديني في بناء القصة وتركيبها وطولها وقصرها «٥».

بالإضافة إلى التوجيهات الدينية الصريحة الواردة في أثناء عرض القصة، أو في التعقيب عليها، ولكن خضوع القصة للغرض الديني، لم يؤثر في بنائها الفني، وتصويرها

للأحداث والأشخاص، وتصوير العواطف والانفعالات البشرية.

فالعناصر الفنية متوفرة في القصة القرآنية، تشدّ القارئ إليها، والتفاعل مع أحداثها وحوارها، ولكن هذه العناصر الفنية، تنبع من طبيعة القصة القرآنية، وليس من خارجها، فلا تقاس بمقاييس القصة الفنية المعروفة في النقد الحديث، لأن لها خصوصية في موضوعها وأسلوبها وطريقة بنائها بما يتوافق مع أغراضها الدينية، وهي في النهاية تحقّق


(٥) انظر التصوير الفني: ص ١٥٥ وما بعدها.

<<  <   >  >>