للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليحضروا له أخاه فيرجع إخوته إلى أبيهم، ويقنعونه أن يرسل معهم الأخ المطلوب، ويوافق أبوهم بعد تردد، وحين يلتقي يوسف بأخيه، يعترف له بأنه أخوه، ويبدأ المشهد الحادي عشر، بذلك، ويحتال مرة أخرى عليهم ليبقي أخاه عنده، فجعل السقاية في رحل أخيه، ويعود إخوة يوسف بدونه إلا كبيرهم فقد رفض العودة بدونه أو يأذن له أبوه بذلك. ثم يبدأ المشهد الثاني عشر، بعودة إخوته إليه من جديد وهنا يسألهم يوسف عما فعلوه بيوسف من قبل، وتنكشف الحقيقة، ويعرفون أنه يوسف، ويندمون على فعلتهم، ويبدأ المشهد الثالث عشر بعودة إخوة يوسف إلى أبيهم بقميصه فألقوه على وجهه فارتد بصيرا، ثم يبدأ المشهد الرابع عشر بعودة الأب والأبناء إلى يوسف، واستقباله لهم، وتذكيره أباه برؤياه التي تحقّقت في هذه الخاتمة للأحداث.

فالقصة مبنية بإحكام من حيث البناء القصصي، فهي ذات موضوع واحد، وحبكة قصصية محكمة وشخصية يوسف هي الشخصية الرئيسة فيها، وتدور الأحداث من حولها، وهي ذات غرض واضح فعناية الله ترافق يوسف منذ أن كان صبيا، وفي الجبّ، وفي قصر العزيز، وفي السجن، وأن هذه العناية الإلهية به جاءت نتيجة استقامته وتقواه، فالاستقامة والتقوى تؤديان إلى التمكين في الأرض.

ونلاحظ أن بين تصوير الأحداث القصصية كثيرا من الفجوات الفنية المتروكة قصدا ليملأها الخيال بنفسه، فمثلا يحذف من تصوير الأحداث، سنوات الرخاء في عهده، وإدارة يوسف لجهاز الدولة، كذلك لم تذكر سنوات الجدب، واكتفي بالإيحاء إليها، من خلال مجيء إخوة يوسف إلى مصر طلبا للطعام، كذلك لا نجد تصويرا للملك وحاشيته ونحو ذلك.

وأحيانا يلجأ تصوير الأحداث إلى الاعتماد على الصور العنيفة، والإيقاع الشديد، والألفاظ الضخمة، لتحقيق التخويف، والتأثير الديني ونجد ذلك غالبا في تصوير مشاهد تدمير الكافرين.

يقول الله تعالى في تصوير تدمير قوم نوح: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ

<<  <   >  >>