وعلة التدمير لثمود وعاد هي التكذيب بالقارعة أي القيامة، وسميت بذلك لشدة وقع أهوالها على الآذان والقلوب، كما أن اللفظة هنا بجرسها الشديد مناسبة لتصوير التدمير، ثم يبدأ تفصيل مشاهد التدمير، فثمود أهلكت بصيحة واحدة طوتها من الوجود، ووصف الصيحة بالطاغية، يوحي بشدة التدمير المجاوز للحدّ المعروف، ثم حذف الموصوف وأبقى الصفة «الطاغية» لأنها مناسبة للإيقاع الفاصلة أيضا، فتحقق بذكرها غرض معنوي وآخر فني، وتدمير عاد، مفصّل أكثر، فقد أهلكوا بالريح الشديدة، وهي عاتية لتناسب عتوّ عاد وجبروتها، ويتناول التصوير مشهدهم بعد التدمير بالريح العاتية، وهم صرعى لا حركة فيهم أشبه بأعجاز النخل الخاوية، الساقطة على الأرض، لخواء أجوافها، وتآكلها ... ويطول تصوير هذا المشهد بما فيه من هول ورعب، لتحقيق التأثير النفسي. وصورتهم وهم صرعى، توحي بالسكون بعد زمجرة الريح الصرصر، فالتصوير إذا اعتمد في البداية على الصورة المتحركة، ثم أعقبها بالصورة الصامتة لعرض آثار التدمير في الإنسان في قوله:
فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى والطبيعة أيضا كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ بل إنه جعل صورة الإنسان المدمّر تشبه صورة النخل المقعّر المتآكل، فقد جمع بينهما في التصوير والتعبير، كما جمعتهما قوة التدمير أيضا.
ويمرّ التصوير في هذا النص مرورا سريعا بمشهد تدمير فرعون وجنوده، وقوم لوط، ثمّ يتوقف عند مشهد الطوفان، والسفينة الجارية فيه، بعناية الله، للإيحاء بتدمير قوم نوح