أمام الملك، وبرّأت يوسف.
وتقابل هذه الشخصية المندفعة نحو غرائزها، شخصية أخرى تتسم بالخفر والحياء، وهي ابنة شعيب. يقول تعالى في وصفها: فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ القصص:
٢٥، وربما تكون هي التي أعجبت به، وطلبت من أبيها أن يستأجره لقوته وأمانته: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ القصص: ٢٦.
فالقرآن الكريم يرسم طبيعة المرأة الأنثوية، وما فيها من ضعف وانفعال، وتباين النساء في ذلك. حتى إنّ «بلقيس» الملكة، هي امرأة بطبيعتها الأنثوية المستحبة، فهي تدفع الحرب بالملاطفة الأنثوية، والحيلة الذكية، وذلك حين ردّت على كتاب سليمان بإرسال هدية إليه.
فشخصيتها هي شخصية الأنثى التي تكره الحرب وتحبّ السلام، وتتصرف كأي أنثى، فتهيئ الرجل بالهدية، لتليين موقفه، ولكن سليمان عليه السلام يردّ هديتها، ويدرك أنها لا تريد الحرب، فيقابلها بشخصية الرجل، ثم يقوم سليمان بتحضير المفاجآت لها، لإثارة انتباهها، فيحضر عرشها، وينكّره، ويجعل الصرح من قوارير، ولكن
ملكة سبأ لا تسلّم لسليمان من أول مفاجأة حين رأت عرشها حاضرا أمامها، على الرغم من إعجابها بذلك، فأخفت مشاعرها لتظهر فجأة بعد المفاجأة الثانية، فاستسلمت له، وآمنت بالله رب العالمين.
يقول تعالى: قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ النمل: ٤٤.
وذكر سليمان في سياق إيمانها يدلّ على إعجابها به، وحبّها له.
ويصوّر القرآن الكريم امرأة إبراهيم العجوز، تستغرب أن تلد وزوجها شيخ كبير أيضا.
وقد جاء هذا الاستغراب في أعلى صوره، وذروة الانفعال الأنثوي ملحوظ في التعبير، يقول تعالى: قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ هود: ٧٢.
وهناك شخصية امرأة عمران المتدينة التي نذرت ما في بطنها محررا، وشخصية مريم المتسمة بالعفاف والطهر وخوف الفضيحة، كما صوّرها القرآن، حين جاءها الملك في صورة بشر، فاستعاذت بالله إن كان تقيا، فهي لا تدرك أن يكون لها ولد من غير زواج ولا بغاء.
قال تعالى: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا، قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا مريم: ١٧ - ١٨، وهكذا نلاحظ أن تصوير شخصيات النساء فيه توضيح للطبيعة