وهكذا نلاحظ أن شخصية يوسف مرسومة بجانبيها الحسي والمعنوي معا، فاكتملت أبعاد شخصيته عقلا، وجسما، وعاطفة، كما رأينا في تصوير أحداث قصته.
وبالنسية لشخصية المرأة، فإن التصوير الفني، لا يعنى بالصفات الحسية لها، لأنها لا تخدم الغرض الديني من القصة، لذلك، لا نجد الاهتمام أيضا بذكر أسماء النساء باستثناء مريم، لأن ذكرها ينسجم مع الغرض الديني من القصة، فهي لا تذكر لذاتها بل لما تحمله من حقائق دينية، ممثّلة في دورها في قصة عيسى. وبقية النساء يذكرن بأسماء أزواجهن مثل امرأة نوح، وامرأة لوط، وامرأة عمران، وامرأة فرعون وإذا كانت المرأة عذراء، اكتفي بذكر كلمة «امرأة» دون إضافة، مثل بلقيس ملكة سبأ عبّر عنها بقوله: امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ النمل: ٢٣.
وكذلك في قصة موسى في قرية مدين وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ القصص: ٢٣ فمريم يصرح باسمها، لدفع التصورات الباطلة عن ولادة عيسى، والتأكيد على بشريته، بولادته من مريم من غير أب. كمعجزة آدم من غير أب ولا أم.
وشخصية المرأة في القصة القرآنية ثانوية، وليست أساسية فيها، ولكن القرآن يعنى بتصوير الأمومة من خلالها، وذلك واضح في موقف امرأة فرعون من موسى. يقول تعالى في ذلك: وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ القصص: ٩.
والنساء أيضا أنواع، فهناك المرأة المندفعة المنحرفة، وهناك المرأة ذات الخفر والحياء.
فامرأة العزيز تمثّل المرأة المندفعة، التي تندفع وراء غرائزها، يقول الله تعالى فيها: وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ ... يوسف: ٢٣، وهي أيضا ماكرة محتالة، يقول تعالى في ذلك: وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ ... يوسف: ٢٥.
كما يلاحظ مكرها واندفاعها وراء غرائزها، حين جمعت النسوة عندها، وأمرت يوسف أن يخرج عليهن، لتثبت لهنّ أنها معذورة بحبه، فتحوّلت العاذلات لها إلى عواذر لتصرفها، وحين رأت إعجابهن به أيضا، صرّحت بحبها له، ورغبتها فيه، وأتبعت ذلك بالتهديد ...
ولكنها أيضا حين عرفت يوسف وما يتسم به من نبوة واستقامة وتقوى، اعترفت بذنبها