للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن سرّ تصرفاته، وإنما اندفع يحتجّ عليه، مخالفا بذلك شرط الصحبة المأخوذ عليه «١٤».

وشخصية «آدم» تمثّل شخصية الإنسان الضعيفة أمام الإغراء له بالخلود، يقول تعالى:

فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ ... الأعراف: ٢٠.

وشخصية «نوح» قويّة التحمّل والصبر، أو شديدة بصورة عامة، ويتضح ذلك في قوة تحمّله لأعباء الدعوة هذه المدّة الطويلة، على الرغم من المحصول الضئيل الذي جناه. كما يتضح في دعائه على قومه بعد أن يئس منهم، قال تعالى: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً

نوح: ٢٦ - ٢٧.

وشخصية إبراهيم، تتسم بالحلم، والتسامح والهدوء، وقوة المنطق والحجة. وقد اتضح ذلك في أسلوب دعوته لقومه، وحواره مع أبيه، ومخاطبة قومه بعد تحطيم الأصنام ...

أما شخصية «يوسف» فقد رسمها القرآن الكريم بجوانبها الحسية والعقلية والعاطفية وقد ظهرت هذه السمات، متدرّجة مع نموّ الأحداث وتطورها.

وقد ابتدأ القرآن بتصوير هذه الشخصية منذ بداية القصة حين كان يوسف صغير السن يقصّ على أبيه رؤياه، وكان محسودا من قبل إخوته لمكانته من أبيهم، وهذه المكانة عند الأب، اكتسبها من صفات معينة، توفرت في شخصيته، ولم تتوفّر في بقية الإخوة.

وحين يكبر يوسف، تبرز سمات العلم والحكمة والحصافة في شخصيته، وبدأ يتصرّف تصرّفا يدل على هذه السمات في شخصيته، وهو أيضا جميل الصورة إلى حدّ الفتنة، حتى إن امرأة العزيز وقعت في حبّه، وكذلك أعجبت به نسوة المدينة حين رأينه، وهو أيضا رجل مستقيم وأمين، لم يخن سيده في أهله، وهو حريص، حكيم، ينتهز الفرص المناسبة للدعوة، وتبرئة نفسه، كما أنه حصيف يعرف كيف يصل إلى غايته، ويتضح ذلك في طريقته في استقدام أخيه والاحتفاظ به، ثم في طريقة إدارته لشئون الدولة، حتى حقّق الرخاء الاقتصادي لبلده، ثم إنه مطيع لوالديه، بارّ بهما، ومتسامح مع إخوته على الرغم مما فعلوه به، وهو بالدرجة الأولى، مطيع لربه، مستقيم على شرعه، لا يحيد عنه، والاستقامة والتقوى أوصلتاه إلى هذا التمكين في الأرض.


(١٤) الكهف: ٦٠ - ٧٨.

<<  <   >  >>