للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا انتقلنا إلى دلالة الكلمة في الأدب، نجد أنها ترتبط بمعناها اللغوي المحدد بمثال الشيء. فقد عرّف الدكتور محمد يوسف نجم النماذج البشرية بقوله: «أما النموذج البشري فهو تجسيم مثالي لسجيّة من السجايا، أو لنقيصة من النقائص أو لطبقة أو مجموعة خاصة من الناس وهو يحوي جميع صفاتها، وخصائصها الأساسية» «٢».

فهي تعني تجسيم الصفات أو العواطف والمشاعر في الشخصيات الأدبية المصورة، بحيث تغدو الشخصيات نابضة بالحياة والحركة «٣». فالأديب حين يقوم بتصوير الأبعاد النفسية والفكرية والسلوكية للشخصية، وتتكامل هذه الأبعاد، وتتضح معالمها في الشخصية، تصبح «نموذجا» أكثر إقناعا، وأظهر صدقا من نظائره في الواقع المشاهد «٤».

ويتوقف نجاح الأديب في ذلك، على قدرته في تصوير ملامح الشخصية بأبعادها الثلاثة، حتى تصبح «نموذجا» للكمال أو النقص، حسب ما يريده الكاتب لنموذجه أن يكون.

وعدّته في ذلك هي عرض المواقف. والأحداث، لتصوير موقف الشخصية إزاء هذه الأحداث أو المواقف، معتمدا في تصويره على الصدق الفني، في إقناع القارئ لا على الصدق الواقعي.

لهذا يقوم بجمع الجزئيات المتفرقة أو التفصيلات، لتساعده في صياغة الشخصية المتكاملة التي قد لا نجد لها مثيلا في عالم الواقع من حيث عمق الدلالة، وإثارة الشعور أو الفكر، سموا أو إسفافا «٥».

وعلى ضوء ذلك، فإن النماذج في الأدب، تستمد من الواقع، ولكنها تبدو في العمل الأدبي أجمل مما هي عليه في الواقع، بقصد الإثارة أو التشويق الفني، والتأثير سلبا أو إيجابا بهذه النماذج.

أما النماذج الإنسانية في القرآن الكريم، فهي أرقى من النماذج الأدبية، مهما أوتي للنماذج الأدبية القدرة على التصوير الفني، لأن الله سبحانه هو أعلم بالإنسان من الإنسان نفسه، فحين يصوّر لنا في كتابه نموذجا إنسانيا، فإن تصويره هذا يكشف أعماق النفس


(٢) فن القصة: ص ١٠٥.
(٣) الأدب المقارن: حسن جاد حسن. ص ١٦٤.
(٤) النماذج الإنسانية في الدراسات الأدبية: د. محمد غنيمي هلال. ص ٧.
(٥) المصدر السابق: ص ٩.

<<  <   >  >>