الدينية للصورة، لإعطاء العلاقات الإنسانية بعدا إيمانيا بالإضافة إلي تصوير الطبيعة البشرية في تلك العلاقات.
فهناك نماذج ثلاثة للأبوة في القرآن الكريم، نجد فيها تصوير هذه العاطفة الأبوية الإنسانية من خلال العقيدة التي هي الرابطة الأساسية بين البشر.
فقصة نوح مع ولده، تمثّل هذه العلاقة الأبوية في أبعادها الإنسانية، فهو نموذج للأب الحاني على ولده، يخاف عليه من الغرق، فيناديه مناداة الأب الخائف على ولده الضائع الذي يحيط به الخطر، وحين غرق ولده، ولم يستجب لنداء أبيه، استمرت عاطفة الأبوة، ولم تتوقف. فقد لجأ نوح إلى ربه خوفا عليه من عذاب يوم القيامة، عسى أن ينقذه هناك إن لم يفلح في إنقاذه من الغرق في الدنيا، فكان الجواب صريحا من الله سبحانه وتعالى:
إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ هود: ٤٦، فنوح عليه السّلام نموذج للأبوة الوفيّة بأبنائها في جميع الظروف، حتى في تلك المواقف التي يكون فيها الأبناء، عاقّين لآبائهم، ولكنّ هذا النموذج المثالي، يتمسك في النهاية بالمبادئ إلى جانب تلك العواطف الإنسانية.
وإبراهيم عليه السلام، يعدّ نموذجا للأبوّة، وابنه إسماعيل نموذج للبنوة المطيعة.
وهذا النموذج مرتبط بالله، في أعلى صور الخضوع لأمر الله في كل الظروف والأحوال، وعدم نسيانه وسط العواطف الإنسانية بين الأب وابنه. ويعقوب، نموذج للأب الذي امتحن بفقد ولده «يوسف».
فنماذج الأبوة، تظهر فيها هذه العاطفة الأبوية، واضحة في السلوك والتصرفات والأقوال ولكنها مقيّدة بالإيمان والطاعة لله سبحانه وتعالى.
ونموذج الأمومة، يتمثّل في أم موسى، التي قلقت على ولدها، وخافت عليه من بطش فرعون، حتى غابت عن وعيها، وفقدت القدرة في ضبط عواطفها المكبوتة، يقول الله تعالى فيها:
وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها ... القصص: ١٠.
وهي في هذا نموذج لكل أم تمرّ بمثل هذه الظروف.
ونموذج البنوة الطائعة يتمثّل في «إسماعيل»، ونموذج العقوق للأبوين يتمثّل في ولد نوح وأبناء يعقوب.
ونموذج الأخوة، نراه في إخوة يوسف الذين حسدوه، وهمّوا بقتله، ولكنّ هذه العاطفة