للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْها آباءَنا الأعراف: ٢٨.

وهناك نماذج لكثير من الناس، يعتزون بالأموال والأولاد، ويجعلونها غايتهم في الحياة، ويتحوّل هذا الشعور الداخلي إلى سلوك اجتماعي في كثير من الأحيان.

وقد رأينا نموذج هذا الإنسان في صاحب الجنتين الذي آتاه الله أولادا وأموالا، فطغى وكفر بنعمة الله، وعدّ المال والولد، كل شيء في الحياة فراح يقول مفتخرا: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً الكهف: ٣٤ «١٢».

ونجد في القصص القرآني كثيرا من النماذج الإنسانية المصوّرة أدق تصوير.

ففرعون، نموذج للطغيان والاغترار بالقوة والسلطة، وقد تجاوز الحدّ في الطغيان إلى درجة التأليه، وفرض عبادته على الناس، وسنّ القوانين الجائرة، يذبّح الأبناء ويستحيي النساء، وعلة هذا الطغيان هي أنه فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ الزخرف: ٥٤.

كما أنّ أسلوبه في محاربة موسى، يعدّ نموذجا مكررا في كل زمان ومكان، قال له فرعون بجبروت وطغيان مهدّدا له بالسجن إن عبد غيره، وتوجّه إليه.

قال تعالى على لسانه: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ الشعراء: ٢٩.

كما أنه حاول تشويه صورة موسى في أذهان الناس، فاتهمه بالسحر، ليصرف الناس عن رسالته، وحين لم تنفع كل الأساليب لوقف دعوة الله، لجأ فرعون إلى الأسلوب الأخير، وهو محاولة قتل موسى. ففرعون يعدّ نموذجا بشريا مكررا بأسلوبه، وفكره، وشعوره، رسمت ملامحه وصفاته وهو في ذروة قوته وسلطته، وأسلوبه في التعامل مع الناس من منطق القوة والسلطة، ثم في أسلوبه في التعامل مع الحق ودعاته، فهو يرفض أيّ حق يأتيه، لأنه يرى فيه تهديدا لسلطته، فهو لا يخضع للحق كالآخرين، بل يريد أن يخضع له أشخاصا ومبادئ، وهذا هو أبشع الطغيان يتمثّل في قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي.

و «النمرود» نموذج آخر للطغيان، فقد ادّعى الألوهية، ولجأ إلى أسلوب التضليل حين ناظره إبراهيم ولكنّ إبراهيم حين أفحمه بالدليل الكوني المعجز، لجأ إلى أسلوب التهديد بالقتل والإحراق.

وهناك أيضا نماذج للأبوة، والأمومة، والأخوة، والزوجية معروضة ضمن إطار الوظيفة


(١٢) انظر فصل الأمثال: ص ١٩٠ وما بعد، من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>