للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم ينفذ التصوير إلى رسم الجنة من داخلها فينقل لنا مشاهد النعيم في الطعام والشراب واللباس والزينة، والأثاث، ومجالس أهل الجنة وما فيها من سمر وأحاديث، وذكريات، ثم يرسم مشاهد حوار أهل الجنة مع أهل النار. فالمشاهد للنعيم مترابطة، تستوفي أقصى ما يتصوره الإنسان من أنواع النعيم اللذيذ.

ويسير تصوير مشاهد النار، على النسق نفسه، فتعرض متقابلة مع مشاهد الجنة، لإبراز الفروق بين الاثنين.

فيبدأ تصوير النار، برسم مساحتها الواسعة أيضا، وخزنتها الغلاظ، وأبوابها، ووقودها من الناس والحجارة، وحرّها، ودخانها، وشرارها المتطاير الضخم.

ثم يبدأ تصوير عذابها من داخل النار، فترسم مشاهد العذاب المخيف مثل إنضاج الجلود، والصهر، واللفح وتسويد الوجوه، وتقليبها على النار، وسحبها، كذلك الربط بالسلاسل والأغلال والأصفاد، والضرب بالمقامع من حديد. كما ترسم الصورة طعام أهل النار من الزقوم، والصديد، والقيح، وشرابهم من الحميم، والغسّاق، ولباسهم من نار.

كما ترسم مشاهد أهل النار وهم فيها يتخاصمون، ويتبادلون الاتهامات والشتائم، ويتوسطون لدى خزنة النار بأن يخفف الله عنهم يوما واحدا من العذاب، ثم يتوسطون لدى مالك خازن النار، أن يطلب من الله أن يهلكهم ليستريحوا من العذاب، ثم مشاهد وهم يتوسطون أهل الجنة أن يفيضوا عليهم بعض أنواع النعيم ... وهكذا.

فالمشاهد للنعيم والعذاب، تسير في خط متقابل، لتحقيق الغرض الديني في الترغيب والترهيب.

لأن هذه المشاهد، تعرض على الإنسان، وهو ما زال في الدنيا، وبإمكانه أن يختار نهاية لحياته على بصيرة، ومعرفة بالعواقب والنتائج لأعماله في الدنيا.

<<  <   >  >>